انتهت هيبة أمريكا ولم يعد يخشاها إلا الزعماء العرب بقلم / د. ناصر اللحام
شعرت بالصدمة حين رأيت السفن الايرانية تقطر القوارب الامريكية الى الحجز البحري ، وهو مشهد لا يراه الانسان كثيرا في هذا العالم ، وباستثناء الصين وايران لم تجرؤ اية دولة في العالم على ” اهانة ” الشرف العسكري الامريكي بهذا الشكل ، وهي رسالة قاسية لتل ابيب التي كانت تحتفل بوصول غواصة المانية خامسة . وبينما كان نتانياهو يستعرض قوته البحرية المستمدة من الهيمنة الامريكية كانت قوارب امريكا تجرّ الى الحجز امام العالم كلّه .في اول ايام بوش الصغير حاولت طائرة تجسس امريكية متخفية ان تتسلل الى اجواء الصين فاكتشفها سلاح الجو الصيني وانزلها عنوة وقتل طيار صيني في عملية الانزال ، وهددت الصين باعدام الطيار الامريكي في ساحة عامة اذا لا يخرج الرئيس الامريكي شخصيا ويعتذر للشعب الصيني ويدفع ديّة الطيار الشهيد وخسائر سلاح الجو . وبالفعل خرج بوش امام العالم واعتذر للشعب الصيني ودفع جميع خسائرها وتعهد بعدم تكرار التجسس فوق بحر الصين .ان جر القوارب الامريكية الى الحجز مشهد لا يتكرر كل يوم ، ولكنه نقطة فاصلة في تاريخ الشرق الاوسط ، ومنذ حرب القناة 1956 لم يجرؤ اي زعيم عربي بعد جمال عبد الناصر ان يقف في وجه الادارة الامريكية الداعم الاول للاحتلال الاسرائيلي .هيبة امريكا انتهت في امريكا اللاتينية وقد تحررت الشعوب هناك من كارتيلات الشركات الامبريالية التي نهبت خيرات القارة ، كما انتهى عصر الهيمنة الامريكية على قارة اوروبا وخرجت قرارات الاتحاد الاوروبي على الطوق الامريكي ، فيما اليابان ودول شرق اسيا اصبحت ” حامضة ” على أسنان الولايات المتحدة وترى زعيم كوريا الشمالية – على خطورته – يهدد نيويورك بالقنبلة الهيدروجينية ،اما افريقيا فلم تعد مزرعة امريكا وقد اثبت العلماء الالمان والصينيون والهولنديون والانجليز والفرنسيين انهم الاقدر على الاستثمار هناك ، وفشل الامريكيون في تطوير ونماء القارة وانحصر دورهم على تسويق البضائع او بيع السلاح فقط .وللاسف لم يعد يخاف من امريكا وترتجف امام بطشها سوى الزعماء العرب ، هم وحدهم يخافون البيت الابيض اكثر مما يخافون عذاب القبر ، فيما الشعوب العربية اجتازت هذا الجدار السيكولوجي وتتعامل مع امريكا بكل ندية ، لها ما لها وعليها ما عليها .امريكا تحكم العالم بالايحاء والايماء ، هي لا ترسل جيوشها لمحاربة الجيوش وقتل الشعوب ، وانما تصدر اوامرها وتعلن مصالحها ، ومن يستجيب لها بكل عبودية فانها تقبل ذلك ، ومن لا يقبل ذلك وتتعارض مصالح بلاده معها فهي لا تشن حربا عليه وانما تكتفي باختلاف وجهات النظر .وعلى عجزنا وفقرنا وشظف عيشنا نحن الفلسطينيين ، الا اننا قلنا ( لا ) للرئيس الامريكي عشر مرات في خمس سنوات ولم تضربنا واشنطن بالقنبلة النووية .ولي امنية اخرى ، ان اعيش حتى ارى اليوم الذي تجر فيه دولة عربية سفينة اسرائيلية او امريكية الى شواطئنا وتطلب من الاميرال الامريكي ان يعتذر للعرب ، لاننا تعبنا من شدة اعتذارنا للغرب وللدول الاستعمارية، ولي امنية فقط ان نسمع واحدا من قادتهم يعتذر للعرب ولو عن طريق الخطأ . وان لا تهون علينا ذاتنا أكثر من هذا ، وان لا ننجر للاقلام السوداء المريضة العليلة ، ولتحريض ” نجوم الطائفية ” من هنا وهناك فننحر رقابنا بسيوف حرب السنة والشيعة “الحمقاء” الي ستهدر موارد العرب والمسلمين وتجعلهم يقتلون بعضهم بعضا بسلاح امريكي واسرائيلي وروسي .