السعودية إلى أين؟ بقلم. صارم الدين مفضل

السعودية إلى أين؟
بقلم. صارم الدين مفضل

باتت واضحة جداً السياسات العدائية التي تسير وفقها مملكة الدواعش الوهابية مملكة آل سعود (المملكة العربية السعودية)، فمن عام الربيع العربي ودعم مسارات الثورة ضد الأنظمة الجمهورية في كل من تونس ومصر وليبيا وسوريا واليمن، إلى تهيئة الأرض لمزيد من الانقسامات المجتمعية داخل البلد الواحد والمدينة الواحدة بل وحتى القرية الواحدة والبيت الواحد.

صار الأمر جلياً والصورة أكثر وضوحاً من أي مشهد أكشن في فلم أمريكي حديث من إنتاج شركة هوليود السينمائية.

مملكة آل سعود لم تعد تخفي حقيقة انتمائها للمشروع الصهيوني في المنطقة، بل صارت اليوم تتفاخر بتبعيتها للإدارة الأمريكية وبظهور علاقاتها المتميزة بكيان “اسرائيل” الغاصب لدولة فلسطين والمنتهك لحرمة المسجد الأقصى الشريف أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين.

في العراق ظل السعودي يلعب على وتر الطائفية منذ تنصيب حكومة الجعفري مروراً بالمالكي ووصولاً للعبادي الذي جاء كمعالجة وترضية لتبريد حدة التدخلات السعودية هناك، والتي وصلت لحد الدفع بعناصر ما يسمى الإرهاب لتحقيق اختراقات أمنية توّجت بالسيطرة على محافظات عراقية بكاملها في الشمال وكادت تصل للعاصمة بغداد نفسها.

الحرب على سوريا هي الأخرى أنهكت نظام المملكة السعودية التي تدخلت فيها بصورة غير مباشرة -وإن كانت معلنة- وظلت طوال خمس سنوات تحاول التضييق على نظام بشار الأسد من خلال العناصر “الارهابية” التي جلبت من خارج سوريا بأعداد كبيرة وبتمويل ودعم نوعي وكبير، إلا أنها باءت بالفشل ولم تحقق غاياتها ومراميها الحقيقة والمتمثلة بإسقاط نظام بشار الأسد..

العدوان الغاشم -قصفاً وحصاراً- الذي يشن على الجمهورية اليمنية والشعب اليمني بقيادة المملكة السعودية مباشرة، والذي لايزال متواصلاً منذ أكثر مايزيد عن ثمانية أشهر، سقط خلالها حوالي ثمانية آلاف شهيد معظمهم من النساء والأطفال، وأكثر من 23 ألف جريح، ودمرت بسببه العديد من مساكن المواطنين والكثير من المنشآت الحيوية العامة والخاصة (بما نسبته 80% من البنية التحتية)؛ هو الآخر يكشف حجم الحقد والوحشية التي يتبناها التحالف الصهيوأمريكي الذي يقف خلف نظام آل سعود ويدعمه بمختلف الأسلحة المتطورة والصواريخ التدميرية باهضة الثمن..

وبعيداً عن حصر كل التدخلات المشبوهة لمملكة آل سعود منذ نشأتها وحتى اليوم في أكثر من قطر عربي وإسلامي.. إلا أن المفارقة الجديدة اليوم تكمن في الانقلاب على السياسات الداخلية للمملكة نفسها، حيث ارتفعت نسبة انتهاكات حقوق الإنسان داخل السعودية أكثر من أي فترة سابقة، وتوجت اليوم تلك الانتهاكات بإعدام سجين رأي من أبناء المذهب الشيعي المناهض للمذهب الوهابي الذي يعتنقه ملوك وحكام آل سعود، هو الشيخ نمر باقر النمر.

الأحداث الملتهبة التي تشارك في صنعها المملكة في البلدان العربية لم تعد تحاصرها من جميع الاتجاهات، بل صارت اليوم تلتهب من داخلها وتنذر بقرب احتراق قصور ملوكها وحكامها بالكامل، إذ أن الجميع بات يرصد منذ مدة تنامي حالة السخط الشعبي داخل المملكة ليس في مناطق الشيعة فحسب بل وحتى المناطق السنيّة في الوسط والجنوب، وما يحصل من اضطرابات شعبية اليوم لم يكن نتيجة لتأجيج مشاعر الشيعة بإعدام أحد رموزهم وعلمائهم (الشيخ النمر)، بل هو نتيجة للسياسات الخرقاء والتعالي الملكي لآل سعود على شعوب المنطقة الواقعة تحت سيطرتهم، وما حادثة اعدام النمر إلا كالقشة التي قصمت ظهر البعير.

ورغم كل ما سبق إلا أنه تجدر الإشارة إلى أن ما يحصل في المنطقة حتى وإن كان يضر بوحدة واستقرار مملكة ال سعود الحليف الاستراتيجي للإدارة الأمريكية، إلا أن هذه الأخيرة تدرك جيداً مصلحتها ومشروعها الحقيقي في المنطقة الذي تسعى لتنفيذه بعيداً عن مصالح حلفائها الخليجيين أنفسهم..
ولذا فالإدارة الأمريكية تحرص على أن تكون النتيجة الحتمية لهذه الفوضى والاقتتال في المنطقة هي فرض المزيد من السيطرة على شعوب وحكومات المنطقة، من خلال تفتيتها وتقسيمها إلى كنتونات ضعيفة ومتصارعة، وشعوب مهانة ومستضعفة تبحث عن أقل معايير العيش بأمان.

الإدارة الأمريكية وإن كانت متأكدة من حتمية تقسيم المملكة السعودية وبعض دول ما يسمى بمحور الاعتدال العربي المتحالف مع سياساتها في المنطقة، إلا أنها غير متأكدة من إمكان تحقق ذلك في دول ما يسمى بمحور المقاومة وتحديداً سوريا واليمن والعراق، وهو ما يفسر كل هذا الحقد الصهيوأمريكي الذي يقف خلف عناصر ما يسمى “الارهاب” ومشروع إدارة التوحش بحق أبناء وشعوب المنطقة، والذي تكشفت نهاياته على فشل ذريع في سوريا واليمن تحديداً، وصار واضحاً بأنه سينقلب عكسياً لينقض على صانعيه وداعميه في مملكة آل سعود لينطبق حينها عليهم المثل القائل “وانقلب السحر على الساحر”!

لكن هل بإمكان ما يسمى بمجلس التعاون التركي الخليجي إنقاذ المملكة؟! هذا ما سنتأكد منه عند أول تحرك شعبي باتجاه قصور المملكة وأمرائها وموازين العرش فيها
، حيث يمكن أن يسبقه تحرك من نوع آخر يطلق عليه “تنظيم الدولة” الذي يحمل نفس شعار وسمات “دولة التنظيم”..!