يحيى السنوار.. رئيس حماس المشتبك يرتقي شهيدًا

في اليوم الـ 377 لمعركة طوفان الأقصى، جاء الكشف عن استشهاد القائد المشتبك، وهي المعركة التي شاركت فيها كل القوى العالمية العظمى وبدعمٍ عسكريٍ واستخباريٍ لكنها غيرت وجه المنطقة، بما تخللها من بطولات وصمود شعبي في وجه أبشع جرائم الإبادة الجماعية في العصر الحديث.

في الخاتمة الأسطورية، التي تمثل بداية جديدة، يظهر السنوار بجعبته العسكرية ولثامه وشجاعته ورباطة جأشه وصموده، يصاب في يده فيربطها بسلك حديدي ويقاوم حتى النفس الأخير، ليرحل شامخًا كما شعبه الصامد وجبال غزة الراسخة بصورة البطل المقدام.

خاتمة تمناها، وعبر عنها، وعمل من أجلها رئيس المكتب السياسي لحركة حماس المشتبك، يحيى السنوار، نيل الشهادة في مواجهة عدوه دفاعا عن شرف الأمّة بأكملها وهو الذي قاد معركة طوفان الأقصى، ولا تزال كلماته تتردد في أصداء الكون: “إن كنا نخشى الموت فنحن نخشى الموت على فراشنا كما يموت البعير، نخشى أن نموت في حوادث الطرق أو بجلطة دماغية أو بسكتة قلبية، لكننا لا نخشى أن نقتل في سبيل ديننا ووطننا ومقدساتنا، ودماؤنا وأرواحنا ليست أغلى من دماء أصغر شهيد قدم روحه.”

هذا البطل المقدام والعقل المدبّر الذي تفوق على أجهزة العدوّ الاستخبارية في معركة العقول، فأذل أنوفهم وكشف هشاشة الجيش الذي لا يقهر، حيث داست أقدام المجاهدين في يوم العبور العظيم وجولات المواجهة في الميدان رؤوس جنوده وضباطه وكبار قياداته العسكرية.

وسعى العدو الإسرائيلي للنيل من سيرة وصورة القائد الفذّ الذي لا تضعف له عزيمة ولا تلين له قناة، فجاءت الصورة لقائد المكتب السياسي لحماس مشتبًكًا في الصفوف الأولى وفي الميدان الأكثر خطورة جبهة القتال الأولى يقود المعركة فوق الأرض، لا كما زعم الصهاينة من الأنفاق محاطًا بالأسرى، والحق ما شهدت به الأعداء، فخرجت الصورة من بين يدي قاتليه، برهانًا على أنّ قادة المقاومة يقدمون دماءهم ويذودون عن شعبهم بأرواحهم التي طالما أكدوا أنها ليست أغلى من أرواح شعبهم الصامد المصابر الثابت رغم المصاب الجلل.

 

فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر

 

ويكمل الشهيد القائد المشتبك السنوار بدمائه الزكية الطاهرة طريقًا خطته حركة المقاومة الإسلامية حماس في معركتها مع العدو، والتي أثبتت في كل فصولها أنّها تستوجب التضحيات بهذا المستوى، وهو ما لم تبخل به الحركة وما جادت به منذ لحظة انطلاقها، كحركة تحرر وطني تسعى لإنهاء الاحتلال.

ولم تكن تلك الدماء الزكية الطاهرة الأولى ولن تكون الأخيرة في طريق الجهاد حتى تحقيق النصر والتحرير، وتأتي لتؤكد أنّ العدو واهمٌ بقتل القادة أن ينال من الشعب الفلسطيني وحركته المقاومة الحيّة الولادة بالقادة والمجاهدين، وأن الاغتيالات لا تزيد الشعب الفلسطيني إلا إصراراً ودافعاً أكبر للمضي على طريق الجهاد وتحرير الأرض والمقدسات.

رحل السنوار بصورة مكتملة للقادة العظماء والشهداء الأبرار الذين يتقدمون الصفوف ويضحون بالغالي والنفيس فداء لدينهم ووطنهم وشعبهم، لتؤكد دماؤه الزكية أنّه سيبقى رمزاً وطنياً، وصاحب إرثٍ جهاديٍ سيكون نبراساً هاديا ينير الطريق من بعده، حتى دحر المشروع الصهيوني عن فلسطين.

وإنّ أبا إبراهيم إذ يلتحق بركب القادة الشهداء الياسين والرنتيسي والمقادمة وهنية والعاروري وغيرهم كثر من رموز الحركة، فإنّهم رحلوا وخلفهم حركة قوية متماسكة بقوة تنظيمها ومؤسساتها الشورية التي أثبتت في أحلك الأزمات أنّها قادرة على تجاوز الضربات، وأنّها باقية تقارع المحتل حتى زواله ودحره.

 

 

حماس تنعي شهيدها

وأعلنت حركة المقاومة الإسلامية حماس، الجمعة، استشهاد رئيس مكتبها السياسي في اشتباك مسلح مع قوات العدو الإسرائيلي في محور قتال متقدم في حي تل السلطان في رفح.

وأكد عضو المكتب السياسي لحركة حماس خليل الحية، استشهاد القائد السنوار في اشتباك مع قوات العدو في رفح.

وقال خليل الحية في كلمة له: ارتقى السنوار مقبلًا غير مدبر مشتبكًا في مقدمة الصفوف ويتنقل بين المواقع القتالية.

وفي بيان رسمي، تلاه القائد خليل الحية، نعت حركة حماس القائد المجاهد الشهيد والرَّمز الوطني الكبير يحيى السنوار ” أبو إبراهيم ” قائد معركة طوفان الأقصى.

وقالت حماس: بكل معاني الشموخ والكبرياء والعزة والكرامة تنعى حركة المقاومة الإسلامية حماس إلى شعبنا الفلسطيني وإلى أمتنا جميعا وأحرار العالم رجلا من أنبل الرجال وأشجع الرجال، رجلا كرس حياته من أجل فلسطين، وقدم روحه في سبيل الله على طريق تحريرها، صدق الله فصدقه الله، واصطفاه شهيدا مع من سبقه من اخوانه الشهداء: ننعى القائد الوطني الكبير المجاهد الشهيد يحيى السنور (أبو إبراهيم) رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) وقائد معركة طوفان الأقصى.

وأضافت حماس أن القائد السنوار “ارتقى بطلاً شهيداً، مقبلاً غير مُدبر، مُمْتَشقاً سلاحه، مشتبكاً ومواجهاً لجيش الاحتلال في مقدّمة الصفوف، يتنقل بين كل المواقع القتالية صامداً مرابطاً ثابتاً على أرض غزَّة العزَّة، مدافعاً عن أرض فلسطين ومقدساتها، ومُلهماً في إذكاء روح الصُّمود والصَّبر والرّباط والمقاومة.

وتابعت: لقد عاش القائد الشهيد يحيى السنوار مجاهدا وشق طريقه في حركة حماس منذ كان شابا يافعا منخرطا في أعمالها الجهادية، ثم في سنوات الأسر الـ 23 قاهراً للسجّان الصهيوني وبعد أن خرج من السجن في صفقة وفاء الأحرار واصل عطاءه وتخطيطه وجهاده حتى اكتحلت عيناه في السَّابع من أكتوبر 2023م؛ يوم الطوفان العظيم الذي زلزل عمق الكيان وكشف هشاشة أمنه المزعوم وما تلاه من ملاحم الصمود الأسطوري لشعبنا وبسالة مقاومتنا المظفرة، إلى أن نال أشرف مقام وأرفع وسام وارتقى إلى جوار ربه شاهدا شهيدا راضيا بما قدم من جهاد وعطاء.

ومضت تقول: كان الشهيد القائد يحيى السنوار استمرارا لقافلة القادة الشهداء العظام على خطا الشهيد المؤسس الشيخ المجاهد أحمد ياسين والدكتور عبد العزيز الرنتيسي والمقادمة وأبو شنب وجمال منصور وجمال سليم والشهيد القائد إسماعيل هنية ونائبه الشيخ صالح العاروري وقافلة الشهداء من جميع قادة وأبناء شعبنا وأمتنا ونؤكد أن هذه الدماء ستظل توقد لنا الطريق وتشكل دافعاً لمزيد من الصمود والثبات، وأن حركة حماس ماضية على عهد القادة المؤسسين والشهداء حتى تحقيق تطلّعات شعبنا في التحرير الشامل والعودة وإقامة الدولة الفلسطينية على كامل التراب الوطني الفلسطيني وعاصمتها القدس، بإذن الله وسوف تتحول لعنة على المحتلين الغزاة الطارئين على هذه الأرض.

وأكدت أنَّ استشهاد القائد يحيى السنوار وكلّ قادة ورموز الحركة الذين سبقوه على درب العزَّة والشهادة ومشروع التحرير والعودة، لن يزيد حركة حماس ومقاومتنا إلاّ قوَّة وصلابة وإصراراً على المضي في دربهم والوفاء لدمائهم وتضحياتهم، وإنَّ حركة تقدّم قادتها وأبناءها شهداء على درب الدّفاع عن حقوق شعبها لهي حركة أبية أصيلة، متجذرة في شعبها.

وتوجهت إلى المتباكين على أسرى الاحتلال لدى المقاومة بقولها: إن هؤلاء الاسرى لن يعودوا الا بوقف العدوان على غزة والانسحاب منها وخروج أسرانا الابطال من سجون الاحتلال.

وقالت: إننا ماضون في نهج حماس وروح طوفان الأقصى ستبقى جذوتها متّقدة تنبض بالحياة في نفوس أبناء شعبنا واننا على عهدك أبا إبراهيم ورايتك لن تسقط بل ستظل خفاقة مرفوعة عالية.

وختمت بقولها: سلام عليك أبو إبرهيم الرجل الزاهد العابد التقي

سلام عليك أسيرا ، سلام عليك مجاهدا ، سلام عليك شهيدا

سلام عليك إذ سيدون التاريخ أنك كتبت السطر الأول في حرب التحرير ونهاية الاحتلال.

رحمك الله وأسكنك الفردوس الأعلى مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.

السيرة الذاتية لشهيد الأمة

 

يحيى السنوار رئيس حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، من مواليد عام 1962، اعتقله العدو الإسرائيلي عدة مرات وحكم عليه بأربع مؤبدات قبل أن يفرج عنه بصفقة تبادل أسرى عام 2011، وعاد إلى نشاطه في قيادة كتائب عز الدين القسام (الجناح العسكري لحماس).

انتخب رئيسا للحركة في قطاع غزة عام 2017 ومرة أخرى عام 2021، وفي 2024 انتخب رئيسا للمكتب السياسي للحركة بعد اغتيال سلفه إسماعيل هنية.

تعتبره “إسرائيل” مهندس عملية طوفان الأقصى يوم 9 أكتوبر/تشرين الأول 2023، التي كبدتها خسائر بشرية وعسكرية وهزت صورة أجهزتها الاستخباراتية والأمنية أمام العالم، فأعلنت أن تصفيته أحد أهداف عمليتها “السيوف الحديدية” على القطاع، والتي جاءت ردا على عملية طوفان الأقصى.

 

المولد والنشأة

ولد يحيى إبراهيم حسن السنوار يوم 19 أكتوبر/تشرين الأول 1962 في مخيم خان يونس للاجئين جنوب قطاع غزة، نزحت أسرته من مدينة مجدل شمال شرقي القطاع بعد أن احتلتها “إسرائيل” إثر نكبة عام 1948 وغيرت اسمها إلى “أشكلون” (عسقلان).

 تلقى تعليمه في مدرسة خان يونس الثانوية للبنين، قبل أن يلتحق بالجامعة الإسلامية بغزة ويتخرج منها بدرجة الباكالوريوس في شعبة الدراسات العربية.

نشأ في ظروف صعبة وتأثر في طفولته بالاعتداءات والمضايقات المتكررة للعدو الإسرائيلي لسكان المخيمات.

 

النشاط السياسي

 

كان ليحيى السنوار نشاط طلابي بارز خلال مرحلة الدراسة الجامعية، إذ كان عضوا فاعلا في الكتلة الإسلامية. شغل مهمة الأمين العام للجنة الفنية ثم اللجنة الرياضية في مجلس الطلاب بالجامعة الإسلامية بغزة، ثم نائبا لرئيس المجلس ثم رئيسا للمجلس.

ساعده النشاط الطلابي على اكتساب خبرة وحنكة أهلته لتولي أدوار قيادية في حركة حماس بعد تأسيسها عام 1987 خلال انتفاضة الحجارة.

أسس مع خالد الهندي وروحي مشتهى -بتكليف من مؤسس الحركة الشيخ أحمد ياسين– عام 1986 جهازا أمنيا أطلق عليه منظمة الجهاد والدعوة ويعرف باسم “مجد”.

وكانت مهمة هذه المنظمة الكشف عن عملاء وجواسيس العدو الإسرائيلي وملاحقتهم، إلى جانب تتبع ضباط المخابرات وأجهزة الأمن الإسرائيلية، وما لبثت أن أصبحت هذه المنظمة النواة الأولى لتطوير النظام الأمني الداخلي لحركة حماس.

 

الاعتقالات وحياة السجن

 

اعتقل لأول مرة عام 1982 بسبب نشاطه الطلابي وكان عمره حينها 20 عاما، ووضع رهن الاعتقال الإداري 4 أشهر وأعيد اعتقاله بعد أسبوع من إطلاق سراحه، وبقي في السجن 6 أشهر من دون محاكمة. وفي عام 1985 اعتقل مجددا وحكم عليه بـ8 أشهر.

في 20 يناير/كانون الثاني 1988، اعتقل مرة أخرى وحوكم بتهم تتعلق بقيادة عملية اختطاف وقتل جنديين صهيونيين، وقتل 4 فلسطينيين يشتبه في تعاونهم مع “إسرائيل”، وصدرت في حقه 4 مؤبدات (مدتها 426 عاما).

خلال فترة اعتقاله تولى قيادة الهيئة القيادية العليا لأسرى حماس في السجون لدورتين تنظيميتين، وساهم في إدارة المواجهة مع مصلحة السجون خلال سلسلة من الإضرابات عن الطعام، بما في ذلك إضرابات أعوام 1992 و1996 و2000 و2004.

تنقل بين عدة سجون؛ منها “المجدل” و”هداريم” و”السبع” و”نفحة”، وقضى 4 سنوات في العزل الانفرادي، عانى خلالها من آلام في معدته، وأصبح يتقيأ دما وهو في العزل.

 حاول الهروب من سجنه مرتين، الأولى حين كان معتقلا في سجن “المجدل” بعسقلان، والثانية وهو في سجن الرملة، إلا أن محاولاته باءت بالفشل.

 

 

في سجن المجدل، تمكن من حفر ثقب في جدار زنزانته بواسطة سلك ومنشار حديدي صغير، وعندما لم يتبق سوى القشرة الخارجية للجدار انهارت وكشفت محاولته، فعوقب بالسجن في العزل الانفرادي.

وفي المحاولة الثانية في سجن الرملة استطاع أن يقص القضبان الحديدية من الشباك، ويجهز حبلا طويلا، لكنه كشف في اللحظة الأخيرة.

تعرض لمشاكل صحية خلال فترة اعتقاله، إذ عانى من صداع دائم وارتفاع حاد في درجة الحرارة، وبعد ضغط كبير من الأسرى أجريت له فحوصات طبية أظهرت وجود نقطة دم متجمدة في دماغه، وأجريت له عملية جراحية على الدماغ استغرقت 7 ساعات.

حرم خلال فترة سجنه من الزيارات العائلية، وصرح شقيقه غداة الإفراج عنه أن العدو منعه من زيارة يحيى 18 عاما، كما أن والده زاره مرتين فقط خلال 13 عاما.

 

مؤلفات في السجن

 

استثمر يحيى السنوار فترة السجن التي استمرت 23 عاما في القراءة والتعلم والتأليف، تعلم خلالها اللغة العبرية وغاص في فهم العقلية الإسرائيلية، وألف عددا من الكتب والترجمات في المجالات السياسية والأمنية والأدبية، ومن أبرز مؤلفاته:

ترجمة كتاب “الشاباك بين الأشلاء”، لكارمي جيلون، وهو كتاب يتناول جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (الشاباك).

ترجمة كتاب “الأحزاب الإسرائيلية عام 1992″، ويعرف بالأحزاب السياسية في “إسرائيل” وبرامجها وتوجهاتها خلال تلك الفترة.

رواية بعنوان “شوك القرنفل” صدرت عام 2004 وتحكي قصة النضال الفلسطيني منذ عام 1967 حتى انتفاضة الأقصى.

كتاب “حماس: التجربة والخطأ”، ويتطرق لتجربة حركة حماس وتطورها على مر الزمن.

كتاب “المجد” صدر عام 2010 ويرصد عمل جهاز “الشاباك” الصهيوني في جمع المعلومات وزرع وتجنيد العملاء، وأساليب وطرق التحقيق الوحشية من الناحية الجسدية والنفسية، إضافة إلى تطور نظرية وأساليب التحقيق والتعقيدات التي طرأت عليها وحدودها.

 

النشاط السياسي والعسكري بعد السجن

 

أطلق سراح يحيى السنوار عام 2011، وكان واحدا من بين أكثر من ألف أسير حرروا مقابل الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط ضمن صفقة “وفاء الأحرار”.

وتمت الصفقة بعد أكثر من 5 سنوات قضاها شاليط في الأسر بغزة، ولم تنجح “إسرائيل” خلال عدوانها الذي شنته على القطاع نهاية 2008 في تخليصه من الأسر.

بعد الخروج من السجن انتخب السنوار عضوا في المكتب السياسي لحركة حماس خلال الانتخابات الداخلية للحركة سنة 2012، كما تولى مسؤولية الجناح العسكري لكتائب عز الدين القسام، وشغل مهمة التنسيق بين المكتب السياسي للحركة وقيادة الكتائب.

كان له دور كبير في التنسيق بين الجانبين السياسي والعسكري في الحركة خلال العدوان الإسرائيلي على غزة عام 2014.

وأجرى السنوار بعد انتهاء هذا العدوان تحقيقات وعمليات تقييم شاملة لأداء القيادات الميدانية، وهو ما نتج عنه إقالة قيادات بارزة.

عام 2015 عينته حركة حماس مسؤولا عن ملف الأسرى الإسرائيليين لديها، وكلفته بقيادة المفاوضات بشأنهم مع العدو الإسرائيلي، وفي السنة نفسها صنفته الولايات المتحدة الأميركية في قائمة “الإرهابيين الدوليين”، كما وضعته “إسرائيل” على لائحة المطلوبين للتصفية في قطاع غزة.

 

انتخب يوم 13 فبراير/شباط 2017 رئيسا للمكتب السياسي للحركة في قطاع غزة خلفا لإسماعيل هنية.

حاول في هذه الفترة إصلاح العلاقات بين حركة حماس في غزة والسلطة الفلسطينية بقيادة حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) في الضفة الغربية، وإنهاء حالة الانقسام السياسي في الأرضي الفلسطينية ضمن مصالحة وطنية، إلا أن هذه المحاولات انتهت بالفشل.

عمل أيضا على تحسين العلاقات مع مصر، حيث التقى ضمن وفد قيادي وأمني مع قيادات من المخابرات المصرية في القاهرة سنة 2017، وتم التوصل لاتفاقات حول الأوضاع المعيشية والأمنية والإنسانية والحدود.

في مارس/آذار 2021، انتخب رئيسا لحركة حماس في غزة لولاية ثانية مدتها 4 سنوات في الانتخابات الداخلية للحركة.

تعرض منزله للقصف عدة مرات، إذ قصفته طائرات العدو الإسرائيلي ودمرته بالكامل عام 2012، وخلال العدوان على قطاع غزة عام 2014، ثم خلال غارات جوية إسرائيلية في مايو/أيار 2021.

يوصف السنوار بأنه شخصية حذرة، لا يتكلم كثيرا كما لا يظهر علنا إلا نادرا، كما أنه يمتلك مهارات قيادية عالية وله تأثير قوي على أعضاء الحركة.

 

يحيى السنوار وطوفان الأقصى

 

بعد عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر/تشرين الأول، أصبح يحيى السنوار المطلوب الأول لدى “إسرائيل”، إضافة إلى محمد الضيف القائد العام لكتائب عز الدين القسام.

وأصبح التخلص من زعيم حماس أهم الأهداف الإستراتيجية للعملية العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة، والتي أطلقت عليها اسم “السيوف الحديدية”، إذ يعتبره مسؤولون إسرائيليون العقل المدبر لهجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

في 14 نوفمبر/تشرين الثاني 2023 فرضت الحكومة البريطانية عقوبات على قيادات من حماس تشمل تجميد أصول وحظر السفر، ومن بينهم السنوار.

وأصدرت السلطات الفرنسية في 30 نوفمبر/تشرين الثاني 2023 مرسوما يقضي بتجميد أصول السنوار لمدة ستة أشهر.

 

لم يظهر السنوار علنا خلال تلك الحرب، وذكرت صحيفة “هآرتس” أنه التقى بعض الأسرى الإسرائيليين خلال فترة احتجازهم في غزة، وأخبرهم بلغة عبرية سليمة أنهم في المكان الأكثر أمانا ولن يتعرضوا لأي مكروه.

في 6 ديسمبر/كانون الأول 2023، أعلن رئيس “الحكومة” الإسرائيلية بنيامين نتنياهو محاصرة قوات العدو الإسرائيلي منزل السنوار لكن لم يتم الوصول إليه، ويعتقد مسؤولون في جيش العدو أنه يدير العمليات مع باقي قادة الجناح العسكري لحماس من داخل شبكة الأنفاق التي بنتها الكتائب تحت الأرض.

 قائدا لحماس بعد هنية

 

في يوم 31 يوليو/تموز 2024 أعلنت حركة حماس أن “إسرائيل” اغتالت رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية في مقر إقامته بالعاصمة الإيرانية طهران، وذلك بقصف الشقة التي كان فيها مع مرافقه.

وقد كان هنية في طهران على رأس وفد من الحركة للمشاركة في مراسيم تنصيب الرئيس الإيراني مسعود بزشيكيان.

وبعد دفن هنية في العاصمة القطرية الدوحة، بدأت الحركة انتخابات داخلية لاختيار خلفية لهنية، وأعلنت يوم الثلاثاء 6 أغسطس/آب 2024 أن هيئاتها الشورية اختارت بالإجماع يحيى السنوار رئيسا جديدا للحركة.

 

درب الحرية

 

يرحل القائد السنوار، وتبقى سيرته وكلماته نبراسا ينير درب الحربة، ويبقى دعاؤه يلهج به الأحرار:

اللهم اكسر بنا شوكتهم

اللهم نكس بنا رايتهم

اللهم أذل بنا قادتهم

اللهم حطّم بنا هيبتهم

اللهم أزل بنا كيانهم

اللهم أنفذ بنا قدرك فيهم بالزوال والتدمير و التتبير يا رب العالمين. اللهم حقق بنا أمال شعبنا بالعودة و التحرير.

المقاومة ستتصاعد

زفت كتائب الشهيد عز الدين القسام إلى العلا الشهيد القائد الكبير يحيى السنوار “أبو إبراهيم” قائد حركة المقاومة الإسلامية حماس، الذي ارتقى مقبلاً غير مدبر في أشرف المعارك دفاعاً عن المسجد الأقصى المبارك وعن الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة. مؤكدة إنه لمن دواعي الفخر أن تقدم حماس القادة قبل الجند، وأن يتقدم قادتها قافلة شهداء شعبنا الذين قدموا أرواحهم ودماءهم في سبيل الله وعلى طريق تحرير فلسطين، وأن يستشهد قائدها بين إخوانه المجاهدين بطلاً مشتبكاً مع الغزاة الذين ظنوا أن غزة يمكن أن تكون لقمةً سائغةً لجيشهم الجبان.

وأشارت إلى أن مسيرة قائدنا “أبي إبراهيم” مسيرةً جهاديةً مشرّفة، كان خلالها من جيل التأسيس لحركة المقاومة الإسلامية حماس وأجهزتها العسكرية والأمنية، ثم ضحى بزهرة شبابه أسيراً في سجون الاحتلال لأكثر من عشرين عاماً قبل أن يخرج رافع الرأس في صفقة “وفاء الأحرار”.

وأضافت: بمجرد تحرره من السجن أبى إلا أن يواصل مسيرة الجهاد ولم يذق للراحة طعماً، فأشرف على العمل العسكري للحركة في الأقاليم الثلاثة وكان له دورٌ مهم في مسار توحيد جبهات المقاومة على طريق القدس، ثم ترأس الحركة في غزة لتشكل فترة قيادته نقلةً نوعيةً في مسيرتها الدعوية والسياسية والعسكرية التي تكللت بـ”طوفان الأقصى”، وفي مسار العلاقات الوطنية والعمل المقاوم المشترك، قبل أن يترأس الحركة في الداخل والخارج عقب استشهاد القائد الكبير إسماعيل هنية.

وأضافت أنها كانت مستعدةً لتتقدم صفوف المضحّين في القلب من أبناء شعبها، فقدمت القادة والجند رافضةً الإذعان للعدو أو السكوت على ظلمه ونهبه لحقوق شعبنا المشروعة، ولن تتوقف مسيرة جهادنا حتى تحرير فلسطين وطرد آخر صهيونيٍ منها واستعادة كامل حقوقنا المشروعة، وخير دليلٍ على ذلك أن شعبنا لم ينكسر أو يستسلم بعد عام من معركة “طوفان الأقصى” رغم فداحة الأثمان التي دفعها ورغم جرائم الإبادة الصهيونية الوحشية.

وشددت على أن هذا العدو المجرم واهمٌ إن ظن أنه باغتيال قادة المقاومة العظام من أمثال السنوار وهنية ونصر الله والعاروري وغيرهم يمكن أن يخمد جذوة المقاومة أو يدفعها للتراجع.

وأكدت أنها (المقاومة) ستتواصل وتتصاعد حتى تحقيق أهداف شعبنا المشروعة، فالشهادة أسمى ما يتمناه قادتنا، ودماؤهم ستكون نبراساً ينير طريق التحرير وناراً تحرق المعتدين، وقد ترك قادتنا خلفهم مئات الآلاف من المجاهدين من أبناء شعبنا وأمتنا المصممين على مقارعة الاحتلال الصهيوني حتى تطهير فلسطين والمسجد الأقصى من دنسه، وكنسه عن أرضنا بإذن الله.