المسار السياسي.. رسول إنجازات الجيش واللجان الشعبية باتجاه النصر.. والبندقية تحرس الطاولة المستديرة
إبراهيم السراجي
إعتقدت دولُ العدوان وعلى رأسها السعوديةُ أنها ستكونُ في نُزهة عندما شنت عدوانها الغادر على الشعب اليمني وأصاب الغرور ملوكَ دول الخليج، لدرجة أنهم وضعوا شروطاً ذات سقوف عالية لإيقاف عدوانهم منتظرين أن يعلن الشعب اليمني استسلامه للمشروع الأمريكي التخريبي في اليمن والذي كان هدف دول العدوان، غير أنه ومنذ بدأ الجيش واللجان الشعبية توجيه ضرباتهم لرأس العدوان في جبهات الحدود وأثبتوا قوة بأسهم في مواجهة الغزاة ومرتزقة العدوان في مأرب وتعز وغيرهما.. كلها جعلت السعودية وحلفَها تبحث عن طرف يمكنه إنزالهم من فوق الشجرة كما يقال.
وقد كان خطابُ دول العدوان في البداية واضحاً برفضه لأية حل، معتقداً أن غاراته وحصاره الشامل سيُخضع اليمنيين لهم، واليوم وبينما يسلك وفد أنصار الله والقوى الوطنية طريقهم إلى جنيف فإن ذلك ليس إلا ثمرة للنتائج العسكرية التي يحققها الجيش واللجان الشعبية في الميادين وسواء فشلت المفاوضات أو نجحت فإنه لا يمكن إغفال أن دول العدوان قد أدركت أنها فشلت في مشروعها وهُزمت ولقي مرتزقة البلاك ووتر متعددو الجنسيات مصارعهم باعتبارهم آخر أوراق العدوان.
رئيسُ وفد أنصار الله إلى جنيف والناطق الرسمي قال في مؤتمر صحفي من مطار صنعاء السبت الماضي بأنه كان قد تم الاتفاقُ خلال المشاورات مع مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة في مسقط على وقف إطلاق النار على مرحلتين، الأولى مبدئية يتم خلالها إيقاف العمليات العسكرية البرية والبحرية والجوية في مختلف الميادين على ضوئها تشكل لجنة من الخبراء العسكريين لتحديد أية خروقات، كما تأتي في ظلها خطوات بناء الثقة التي ستكون في إطار وقف الحرب وليس الهدنة.
ولفت محمد عبدالسلام إلى أن خطوات بناء الثقة تتمثل في فك الحصار ورفع مستوى الانعاش الاقتصادي والإفراج عن المعتقلين من كافة الأطراف لتهيئ للمرحلة الثانية المتمثلة في الوصول إلى وقف كامل وشامل ومستدام يؤدي بعد ذلك لاستئناف الحوار السياسي.
وأياً كانت نوايا دول العدوان تجاه الاتفاق فإن وضعه للنقاش هو دليل آخر لتخلي دول العدوان عن شروطهم التي فشلوا في فرضها، ومن جانب آخر فإن المسار السياسي بالنسبة لأنصار الله والقوى الوطنية لا يتعارض مع العمليات العسكرية التي يقوم بها الجيش واللجان الشعبية والتي تسير مع المسار السياسي باتجاه واحد نحو وقف العدوان وتحقيق مصلحة الشعب اليمني، بما يضمن سيادة ووحدة اليمن، وهو ما عبّر عنه الناطق الرسمي باسم أنصار الله في المؤتمر الصحفي بقوله إن الدولة مطلب للجميع على أن تكونَ دولةَ شراكة بلا استهداف لأحد، ولهذا نؤكد أننا من خلال مشاوراتنا مع الأحزاب السياسية حريصون على وطننا وأن يتوقف العدوان وندخل في مرحلة حقيقية من الحوار السياسي لنتجاوز هذه المرحلة العصيبة التي لم يمر بها وطننا.
وهناك جانب آخر لا تجرؤ وسائل إعلام العدوان على التطرق إليها وتتعلق بما يطرحه النظام السعودي بشكل مباشر في مسقط أو عبر وسطاء وتهدف إلى تقديم تنازلات سعودية مقابل انتصارات إعلامية من أجل وقف عمليات الجيش واللجان الشعبية في جيزان ونجران وعسير، ووصلت في مرات إلى عروض بوقف العدوان من أجل تحقيق هذا الهدف.
وبالنظر إلى حجم القلق الذي أصاب النظام السعودي جراء عمليات الجيش واللجان والتي يتم توثيقها في نجران وجيزان وعسير فإن تقديمه للتنازلات هو ثمرة العمل العسكري، وبالتالي فإن وفد أنصار الله والقوى الوطنية الأخرى في جنيف ليست سوى حامل سياسي لإنجازات الجيش واللجان الشعبية على الأرض، وبذلك فإن المقاتل اليمني هو المفاوض الحقيقي وهو الجهة التي تجبر دول العدوان على التخلي عن غرورها والتعرف على الواقع بعيداً عن الوهم الذي سيطر على آل سعود.
اليوم تقر دول العدوان في قرارة نفسها بالهزيمة وهي تريد أن توقف عدوانها المباشر ولكنها تسعى لإيجاد صيغة بموجبها ترفع يدها من العدوان ولكنها تريد أن تبقي على أدواتها الإرهابية 9التي جاءت نتيجة لعدوانها مثل داعش والقاعدة، ولذلك برز خلاف تواطأت فيه الأمم المتحدة، وهو ما عبّر عنه رئيس وفد أنصار الله الذي قال إن المسودة النهائية للمفاوضات لم تستوعب الملاحظات الخاصة فيما يتعلق بمواجهة الإرهاب، لافتاً إلى أن من المسائل الصعبة التي واجهت الوفد هي إقناع بعض الأطراف ومنها الأمم المتحدة بضرورة مواجهة القاعدة وداعش.. وقال تسمعون يومياً أن العالم يقود تحالفاً ضد هؤلاء ونحن نقول لكم للأسف هذا غير صحيح فلقد وجدنا صعوبة بالغة في أن يكون هناك توجه حقيقي لمواجهة هذه العناصر.
وهنا يتجلى المشروع الدولي برعاية وهندسة أمريكا والذي يسعى لإخراج دول العدوان من مستنقع اليمن ويضمن رعاية وحماية لتحركات العناصر الإرهابية لتقوم بالدور الذي عجزت عنه طائرات العدوان ومرتزقتها.
بالمقابل فإن الجيش واللجان الشعبية هم المؤثرون في توجهات القوى الوطنية بالمسار السياسي، بينما لا تلقي المفاوضات السياسية بظلالها على العمل العسكري، وذلك لن يحدث إلا إذا أفضت المفاوضات إلى وقف دائم للعدوان والحصار، وهذه العلاقة بين الجيش واللجان الشعبية مع المسار السياسي تبدو واضحة، حيث أن التوافق المبدئي على الحوار قد كان قائماً ومحدداً في جنيف عندما أعلن الجيش بشكل رسمي عن تدشين المرحلة التصعيدية الأولى من الخيارات الاستراتيجية لمواجهة وردع العدوان، وأكد جديته في ذلك في العمليات المتزامنة التي تابعها الشعب اليمني لسقوط عشرات المواقع والقرى السعودية وتدمير عشرات الآليات، بالإضافة لسقوط مدينة الربوعة، وما تلا ذلك من عمليات نوعية كلها توحي بما لا يدع مجالاً للشك أن بندقية المقاتل اليمني تسير بثبات نحو أهدافها غير متأثرة بالمسار السياسي الذي لن تصغيَ إليه إلا بانتهاء الحاجة لذلك وهو وقف دائم وشامل للعدوان والحصار.
القراءة السريعة للمسارين السياسي والعسكري تعطي رؤية عامة وانطباعاً راسخاً لدى الشعب اليمني على أن العدوان رغم إجرامه إلا أن العدوان رغم إجرامه إلا أنه خلق حالة من التماسك الوطني على كافة الأصعدة، وهو ما كان العدوان يراهن على تصدعه لتمرير مشروعه، غير أن الشعب اليمني اليوم يتطلع للنصر إن كان ذلك في طاولة المفاوضات إذا أقرت دول العدوان على حق الشعب اليمني في تقرير مصيره دون تدخل أو فرض ذلك الانتصار على دول العدوان في الميدان، حيث أبطال الجيش واللجان الشعبية، ولذلك فالمساران يسيران نحو هدف واحد يتطلع إليه اليمنيون وهم على ثقة بالنصر.