هل القضاء السعودي “داعشي” ، أم القضاء “الداعشي” سعودي؟
نبيل لطيف
هددت وزارة العدل السعودية بأنها والمجلس الأعلى للقضاء سيتخذان كافة الإجراءات اللازمة والحازمة لمحاكمة أي شخص وفي أي وسيلة إعلامية تتطاول أو تطعن في القضاء الشرعي للمملكة؛ لأن التشكيك بعدالة الأحكام الصادرة عن المحاكم هو تشكيك بعدالة المملكة ونظامها القضائي المرتكز على الشريعة الإسلامية.
صحيفة “الرياض” السعودية ذكرت أن وزارة العدل تتجه لمحاكمة أحد الأشخاص وصف عبر “تويتر” أحد الأحكام الصادرة عن محاكم المملكة بالحكم “الداعشي”، وذلك إثر حكم ابتدائي صدر من المحكمة العامة بأبها يقضي بالحكم على أحد الأشخاص بالقتل حدا للردة.
والمعروف ان الكلام يدور حول حكم محكمة سعودية في 17 نوفمبر/تشرين الثاني بإعدام الشاعر الفلسطيني أشرف فياض (35 عاماً) بتهمة الترويج لأفكار إلحادية وسب الذات الإلهية وسب الرسول والاستهزاء بالقرآن الكريم، وذلك من خلال ديوان شعر من تأليفه، ونقاشاته مع عدد من الشباب في مقهى بأبها.
تهديد وزارة العدل السعودية بمحاكمة أي شخص يتطاول على قضاء المملكة ويشبهه بـ “الداعشي”، دفع الكثيريين من النشطاء إلى إطلاق هاشتاغ على توتير باللغة الانكليزية #saudiarabiaisisis (السعودية هي داعش) و#SueMeSaudi (يا مملكة حاكميني) تحديا للسلطات السعودية.
الملفت ان تهم مثل “الردة” و”الشرك” و”الكفر” و”الالحاد” ، هي سلاح مفضل بيد القضاء السعودي ، ضد كل المعارضين للنظام السياسي القائم في السعودية ، مهما كان هذا المعارض ، سياسيا او مثقفا او فنانا او عالم دين ، فكلنا يتذكر الحكم الظالم الذي صدر بحق الكاتب والناشط في مجال حقوق الإنسان السعودي رائف بدوي ، حیث حکم بالجلّد 1000 جلدة، والسَجن لمدة 10 سنوات، بالإضافة لغرامة مالية قدرها مليون ريال سعودي ، بعد اتهامه بالردة والاساءة الى الاسلام ، بينما المعروف ان بدوي دعا محاكمة رئيس هيئة الامر المعروف والنهي عن المنكر ابراهيم الغيث في محكمة العدل الدولية وذلك في حديث خاص معه على قناة السي إن إن الأمريكية أواخر عام 2008 ، ولم يعلن عن الحاده وارتداده عن الدين الاسلامي ، شأنه شأن الشاعر الفلسطيني فياض.
من حسن حظ ضحايا النظام السعودي الوهابي ، ومن بينهم اتباع اهل البيت (عليهم السلام) وفي مقدمتهم الشيخ نمر النمر، والمعارضين للنهج الوهابي المتخلف وسياسة ال سعود القبلية والفاسدة ، والليبراليين والمثقفين ، المحكوم عليهم بالإعدام ، ان تتفاعل قضيتي بدوي وفياض ، وتثير الراي العام السعودي والعربي والعالمي ، حتى يطلع الناس على مدى الظلم الواقع عليهم بسبب الثنائي السعودي الوهابي ، الذي يتعامل مع ابناء جزيرة العرب ، كعبيد وليس مواطنين ، وان “داعش” ليست سوى ظل باهتة من الاصل المتمثل بالوهابية السعودية ، فلا يحتاج الانسان لمعلومات وثقافة واسعة ، ليكتشف ان “داعش” هي جماعة وهابية يجسد سلوكها الوحشي تجسيدا كاملا لتعاليم الوهابية التي تعتبر المذهب الرسمي للمملكة السعودية ، فالسعودية وكما تؤكد كتب التاريخ المناصرة والمعارضة لآل سعود ، بدأت “داعشية” ، حيث تذكر هذه الكتب الفظائع التي قامت بها عصابات ال سعود وال عبد الوهاب ، عندما اسست الكيان السعودي الوهابي في جزيرة العرب ، الا ان هذا الكيان وبعد تاسيسه حاول اخفاء الوجه “الداعشي” وراء بعض المساحيق الباهتة ، ليجد له مكانا في عالم اليوم ، والا فان كل أفاعيل “داعش” اليوم هي استنساخ لما فعله “الدواعش” الاولون من ال سعود وال عبدالوهاب ، فـ”دواعش” الأمس و “دواعش” اليوم ، هم تلاميذ اوفياء لابن تيمية ، وابن قيم الجوزية ، وابن عبدالوهاب ، وابن باز ، وابن عثيمين ، وباقي دهاقنة الوهابية ، لذلك ترتكب السعودية اليوم جريمة كبرى بحق تراثها الوهابي اذا ما حكمت على الاخرين لوصفهم لها بانها “داعشية” ، فالوهابية السعودية هي “الداعشية” و “الداعشية” هي الوهابية السعودية ، لذلك نرى ان السؤال الذي اخترناه كعنوان لمقالنا خطأ ، ونعتذر لوقوع هذا الخطأ.
* شفقنا العربي