وداعاً للبعبع الاسرائيلي

صحافة عربية ودولية || الوقت التحليلي

لم يمر على كيان العدو أيام عصيبة كالتي يمر بها هذه الايام، في ظل وجود ادارة فاشلة يتحكم بها رئيس حكومة متهم بقضايا فساد يدعى “بنيامين نتنياهو”، بالإضافة إلى وجود شرخ في الساحة السياسية الداخلية الاسرائيلية، وانعدام ثقة واضحة برئيس الحكومة نتنياهو الذي يبذل قصارى جهده لتبييض صفحته قبيل بدء الانتخابات التي ستنطلق بعد اقل من اسبوعين، والتي ستحدد مصير نتنياهو السياسي.

نتنياهو مدرك لخطورة المرحلة ومدرك اكثر بأن الداخل الاسرائيلي ممتعض منه، ولذلك قرر جذب الناخبين نحوه من خلال استهداف “حزب الله”، على اعتبار أن الاسرائيليين سيشعرون بالطمأنينة والامن في حال تم استهداف “حزب الله” دون ان يكون هناك خسائر للجانب للاسرائيلي، لكن هذا الزمن ذهب إلى غير رجعة، وعلى الرغم من نتنياهو يعلم أن معادلات الردع لم تعد كما كانت عليه في السابق، إلا انه خاطر واستهدف الحزب، ليأتي الرد مزلزلا وفي وضح النهار من “حزب الله”؛ هذا الرد سنشهد نتائجه على ارض الواقع في الانتخابات المقبلة.

السيد حسن نصر الله اعتبر ان التاريخ الذي رد فيه “حزب الله” على كيان العدو واستهدف عربة عسكرية له، سيكون نقطة فاصلة في الصراع مع “اسرائيل”، وقال الامين العام لحزب الله، ان تاريخ 1 ايلول 2019 هو بداية مرحلة جديدة من الوضع عند الحدود لحماية لبنان وان في الدفاع عن لبنان ليست هناك خطوط حمراء.

وتابع ان المقاومة تعمدت اطلاق العملية في وضح النهار وليس في الليل رغم الفرص المتوفرة في هذا الوقت موضحا ان اكبر خط احمر في الكيان الاسرائيلي كسرته المقاومة وان ردود فعل اسرائيل على العملية كانت دفاعية ولاستيعاب الضربة.

واضاف ان العدو اراد ان يضرب معادلة الردع لكنه تسبب بتثبيت معادلة الردع وعلى الاسرائيليين ان يعرفوا ان كل ما يجري هو من حماقة نتنياهو الذي سيحاكم بتهمة الفساد.

وعلى وقع التصعيد والتهديد على جبهتي غزة ولبنان، يسعى رئيس الوزراء الإسرائيلي للفوز بولاية سادسة، وحسم الانتخابات البرلمانية وتعزيز معسكر اليمين المتطرف.

ويتفق محللون إسرائيليون على أنه لا يمكن الفصل بين الواقع السياسي الداخلي بإسرائيل والتوترات على الجبهات الحدودية، مؤكدين أن التوتر على الجبهة الشمالية مع لبنان وسوريا يتصاعد مع اقتراب الحملة الانتخابية للكنيست من مرحلتها النهائية، قبل الانتخابات يوم 17 سبتمبر/أيلول المقبل.

ويحاول نتنياهو الاستفادة من النشاط العسكري بسوريا أو لبنان، وتوظيف الجانب الأمني، واستحضار التوتر مع حزب الله في الدعاية الانتخابية للكنيست، في وقت يحاول التقليل من مناقشة وضع سكان مستوطنات “غلاف غزة”.

أيا كانت محاولات نتنياهو الا انها باءت بالفشل، في ظل تعاظم قوة “حزب الله” ومحور المقاومة عموما، وما فعله نتنياهو كان بمثابة كشف للمستور، وفضح ضعف وهشاشة جاهزية “جيش العدو” وعدم قدرته على حماية جنوده في وضح النهار، فكيف اذا ما تمت العملية في الليل، وما حصل قد يؤكد للاسرائيليين أن “حزب الله” سيدخل إلى عمق الاراضي المحتلة في اي عملية مقبلة، او حرب قادمة.

هذا الكلام جرى الحديث عنه كثيرا في الاعلام الاسرائيلي حتى ان موقع “تايمز أوف إسرائيل” نشر مقالاً للكاتب آفي يسسخاروف، بهذا الخصوص، تحدّث فيه عن مرحلة ما بعد الأنفاق وعن خطة “حزب الله” السرية لاجتياح إسرائيل والوصول الى الجليل والسيطرة على بلدات حدودية.

وذكّر الكاتب بما قاله الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله عن أنّ الإجراءات التي قامت بها القوات الإسرائيلية على الحدود تعكس “الخشية الإسرائيلية من عملية الجليل المحتملة”، وقال  نصرالله: “إنّ جزءًا من خطتنا هو الدخول إلى الجليل، ونحن قادرون على ذلك”.

وبرأي الكاتب، ربما لا يملك “حزب الله” سلاحًا إستراتيجيًا آخر مثل الأنفاق، لكن لديه خطة طموحة للسيطرة على مواقع عسكرية على الحدود الشمالية. وزعم الكاتب أنّ “حزب الله” كان ينوي إدخال المئات من عناصر وحدة “الرضوان” التي سميت بإسم القائد الراحل عماد مغنية الى إسرائيل لتنفيذ هجمات وإحداث صدمة لها، ولفت الى أنّ هذه الوحدة تحظى بأولوية من حيث الميزانية والمعدات اللوجستية والموارد.

وتابع الكاتب أنّه في غياب الأنفاق، قد يقوم الحزب بنقل آلاف المقاتلين إلى إسرائيل عبر عدد من النقاط الحدودية، تزامنًا مع قصف لتلك المناطق بالمدفعية لتأمين غطاء لهم، وقد يستخدم الحزب أيضًا طائرات من دون طيار.

قدرات “حزب الله”

يتمتع “حزب الله” اللبناني في الوقت الراهن بقدرات لا يمكن حصرها على مستوى القدرات القتالية والتي تعززت بعد دخوله الى سوريا، وعلى مستوى الجانب التقني والتكنولوجي والاسلحة المتطورة، وهاهو اليوم يحصل على أسلحة دقيقة عجز الاحتلال الاسرائيلي عن منعها من الوصول بالرغم من جميع الغارات التي شنها على سوريا تحت هذه الذريعة.

وفي وقت سابق أعلن السيد نصرالله “لقد انتهى الأمر وتم الأمر وأنجز الأمر، وباتت المقاومة تملك من الصورايخ الدقيقة وغير الدقيقة ومن الإمكانيات التسليحية ما إذا فرضت “إسرائيل” على لبنان حرباً ستواجه “إسرائيل” مصيراً وواقعاً لم تتوقعه في يوم من الأيام. هذا هو الواقع”.

المعادلة التي فرضها “حزب الله” في مواجهة الكيان الاسرائيلي لا يمكن تجاهلها، وأكبر دليل على ذلك الاستعدادت التي يعمل عليها كيان الاحتلال ليل نهار لمواجهة الحزب في أي حرب مقبلة، ولكن مع كل الأموال والتكنولوجيا التي تُقدم للصهاينة إلا أن الواقع العسكري لم يحسم حتى اللحظة لصالح الاسرائيليين وباعترافهم هم، فبعد حرب تموز 2006 طورت “إسرائيل” أنظمة دفاعية نشطة كأنظمة القبة الحديدية التي تعترض الصواريخ. لكن القبة الحديدية لا تملك صواريخ كافية لإسقاط معظم صواريخ حزب الله. يدرك الجيش الإسرائيلي أن القبة الحديدية لا تستطيع حماية كل موقع مدني وعسكري. وبالتالي فإن القبة الحديدية ستدافع فقط عن البنية التحتية الرئيسية، مما يعني أن جزءاً كبيراً من “السكان الإسرائيليين” سيتعرض للصواريخ. وللتغلب على هذه الثغرة الأمنية، كان “الجيش الإسرائيلي” يتدرب على تنفيذ آلاف المهمات ضد حزب الله، سعياً منه إلى تدمير الصواريخ قبل أن يتم إطلاقها من لبنان.

وبحسب موقع الكلية الحربية للجيش الأمريكي “يستند الجناح العسكري لحزب الله إلى وحدات مشاة مسلحين بصواريخ مضادة للدبابات ومئات من الطائرات بدون طيار. أقوى أسلحتها هي صواريخها. لدى المجموعة ما يصل إلى 150000 صاروخ وقذيفة، أكثر بكثير من أي مجموعة عربية أخرى. تلك الصواريخ والقذائف لها رؤوس حربية مختلفة ويتراوح مداها؛ وقد يصل عدد قليل منها إلى جميع أنحاء إسرائيل، والتي هي حوالي 20 ألف كيلومتر مربع. (أي بحجم نيو جيرسي). لديهم القدرة على إطلاق أكثر من 1000 صاروخ في اليوم، والوصول إلى أي مكان في “إسرائيل”.