مسيرة يمنية تقصف “يفنه” وتضيء في ظلمات التخاذل العربي
نقطة الضوء الوحيدة وبصيص الأمل بين ظلمات التخاذل العربي والإسلامي تتمثل في الجهد المساند لغزة وفلسطين المحتلة الذي يبذله محور القدس والجهاد والمقاومة، بتقديم حزب الله قادته وكوادره وكل غال ونفيس وفعل ما لم يفعله أحد على طريق القدس، وبما يجترحه العراق واليمن من إنجازات نوعية إن بالعمليات المشتركة أو أحادية الجانب، وهذا ما لفت إليه وأشاد به السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي في خطاب الخميس الماضي الذي تناول فيه آخر تطورات حرب الإبادة الجماعية التي يرتكبها العدو الإسرائيلي في غزة منذ عام وثلاثة أشهر.
منطقة “يفنة” التي تتوسط الأراضي المحتلة وتكتسب أهمية استراتيجية لموقعها الرابط بين يافا “تل أبيب” ومدينة أسدود الاقتصادية كانت على موعد مع ضربة يمنية جديدة محدودة السلاح قوية الأثر والفاعلية على كل الصعد.
العملية في توقيتها المتزامن مع الاضطرابات والمتغيرات في سوريا التي يحسبها العدو الإسرائيلي في صالحه لتراجع نظام معاد له واعتلاء آخر يتفرج حتى الآن على التوغلات الصهيونية في الأراضي السورية، ويغض الطرف عن التدمير الممنهج لمقدرات الشعب السوري العسكرية والبحرية،، يؤكد اليمن مجددا ثبات موقفه الداعم لغزة، وامتلاكه قدرات استراتيجية يجري توظيفها واستخدامها بما يتلاءم مع استمرار الحرب وطول أمدها وبما يخدم الهدف الأساس، المتمثل في إسناد المقاومة، وعدم الاستفراد بها وذلك بضرب الأهداف الحيوية والحساسة للعدو على مسافة تزيد عن 2000كم.
وضمن دلالات عملية يفنة،، هي إظهار الفشل الذريع للقوات الأمريكية وتحالفاتها الغربية وكل أجهزة التجسس والتتبع في رصد التحركات اليمنية وتحديد أماكن انطلاق المسيرات والصواريخ ومحاولة استهدافها قبل الإطلاق.
وإلى جانب الفشل الأمريكي في منع العمليات اليمنية، يتجلى للعالم أجمع كذلك فشل منظومة الإنذار المبكر وأحدث أنظمة الدفاعات الجوية الصهيونية في القيام بدورها في اعتراض الطائرة اليمنية قبل وصولها هدفها في عمق الأراضي المحتلة وهو الأمر الذي يثير الكثير من علامات الاستفهام حول مزاعم العدو السابقة عن تصديه لمثل هذه القدرات خارج حدود فلسطين المحتلة.
العملية بحد ذاتها تعطي دفعة معنوية للمقاتلين الفلسطينيين بأنهم ليسوا وحدهم في المواجهة، وتحفزهم على الثبات والصمود وتوصل رسالة للشعوب العربية بإمكانية إيلام العدو، وإسقاط أوهامه، وكسر حالة الجمود والخذلان العربي والإسلامي المخزي، وكذلك رفض التماهي المفضوح من بعض أنظمة التطبيع مع هذا العدو.
العدو يقر بفشله مرة أخرى
بعد ما أسموه إجراء تحقيق عملياتي بشأن انفجار طائرة بدون طيار في مدينة يفنه أقر جيش العدو مرة أخرى بفشل سلاح الجو المعادي في الحادث وفي توفير الحماية والإنذار المبكر للمغتصبين الصهاينة.
وللتقليل من حجم الفشل ومستواه الكبير زعم التحقيق الصهيوني أن سلاح الجو حدد الطائرة التي انطلقت من اليمن كهدف مشبوه بالقرب من طائرات أخرى غير معادية. وقال إنه تم تجهيز مروحية قتالية وأنظمة دفاعية لاعتراضها. “فما هو المانع لعدم اعتراضها إذن”؟.
يرد التحقيق إنه لم يتم اعتراض الطائرة بسبب الخوف من أنها طائرة مدنية، وبسبب عدم المراقبة المستمرة. وهي سردية تكررت مع أول هجوم نوعي لطائرة يافا على مركز أمني قرب السفارة الأمريكية في “تل أبيب”.
وعلى ضوء ذلك كان مصطلح “الخطأ” هو الأنسب لجيش العدو لإقناع المستوطنين بعدم تفعيل التحذيرات، نظرا لأن الطائرة لم تكن مصنفة كطائرة معادية غير أن ذلك غير كاف لتبديد المخاوف التي تسكن قلوب الصهاينة وإثبات فاعلية الدفاعات الإسرائيلية والانذار المبكر ففي عمليات مماثلة لطالما جرى الترويج لاعتراض الطائرات المسيرة أو الصاروخية خارج حدود فلسطين المحتلة في إشارة تطمينية بوجود خط دفاعي متقدم يبدو أنه ليس في أفضل حال من الدفاعات الداخلية.
الفشل الصهيوني لن يحجبه غربال التطبيع
لا مكان لإخفاء الفشل الصهيوني، وإنهاء التهديدات على المغتصبات داخل فلسطين المحتلة، فالكيان القائم على نظرية الأمن بلا أمن، بصمود الشعب الفلسطيني أولا واستمرار العمليات اليمنية والعراقية كذلك، كصورة من صور التعاون والتظافر الذي يزعج الأعداء ويقلقهم على الدوام وما يثبت ذلك هو خروج وزير الحرب الأسبق “بني غانتس” رغم خلافه مع نتنياهو وحكومته الحالية بالتحريض على اليمن وضرورة توجيه “ضربة قاضية وقاسية” لوقف هجماته آملا الدفع بالسعودية ودول التطبيع لأداء هذا الدور وتنفيذ المخطط التآمري.
وفي مقابل تمنيات العدو وأوهامه في تغيير الخرائط وقضم المزيد من الأراضي العربية، تعيد عمليات الإسناد التذكير بأن ثمة قوى صاعدة لا تتأثر بالتهديدات ولا بالحروب المباشرة والضغوط الاقتصادية القصوى، وأنها حاضرة لقلب الموازين بإذن الله وإعادة الحق لأهله كحتمية وسنة إلهية لا تتغير ولا تتبدل مهما كانت الظروف.