قرصنة الوعي العالمي عبر منصات التواصل الاجتماعي

ولتحقيق ذلك تسعى القوى الغربية إلى استخدام عدة وسائل لتحقيق أهدافها ومن أبرزها:

 

التحكم بالمعلومات والمحتوى:

لطالما تظاهرت الدول الغربية بأنها حامية حمى “الديمقراطية” وحقوق الإنسان وحرية التعبير و الرأي، وسعت لترويج نفسها كراعية للحريات المدنية عبر الفضاء الرقمي. ومع انتشار الإنترنت وتوسّع شبكات التواصل الاجتماعي، ترسخت قناعة لدى الكثيرين بأننا أمام قرية كونية حقيقية، مساحة الحرية فيها بلا قيود ولا حدود. لكن، في الكواليس، كان لهذا العالم الافتراضي وجه آخر تُديره أيادٍ خفية من عواصم القوى الغربية الكبرى، حيث تُسخَّر منصات التواصل الاجتماعي كأدوات للتجسس والمراقبة والسيطرة على الشعوب.

شهد العقدان الأخيران إقبالاً هائلاً على استخدام الفضاء الإلكتروني وشبكات التواصل الاجتماعي، تحت ذريعة الانفتاح والتواصل واكتشاف الآخر. لكن، مع تصاعد النزاعات العالمية والإقليمية وتنامي العنف وحروب المصالح، ظهر الوجه الحقيقي لنوايا القوى الغربية. فقد بدأت تلك الدول بتكثيف ضغوطها على شركات التكنولوجيا وشبكات التواصل، فارضةً عليها التعاون الكامل مع أجهزتها الاستخباراتية والأمنية، لتحويل الفضاء الرقمي من منصة لحرية التعبير إلى شبكة معقدة من الرقابة والتحكم.

الهيمنة على المنصات

لقد أُجبرت معظم الشركات الكبرى المالكة لمنصات الإعلام الاجتماعي، تحت ضغط الابتزاز أو بدعوى “حماية الأمن القومي”، على تقديم تنازلات هائلة والسماح بتوسيع نطاق المراقبة والتجسس على المستخدمين. وبدلاً من مقاومة هذه الضغوط، بدأت بعض الشركات تستسلم تدريجياً، فاتحةً المجال أمام الدول الغربية للعبث في خوارزمياتها والتحكم في تدفق المعلومات والبيانات، مما أدى إلى وأد حرية التعبير رقميًا.

إن العالم اليوم يواجه مرحلة جديدة من “تكميم الأفواه الإلكتروني”، حيث تُمارس القوى الغربية عملية تكميم مكشوفة، بمزاعم مكافحة “الإرهاب” أو حماية الأمن العام، لفرض رؤيتها على مجتمعات العالم. لقد باتت الخوارزميات تعمل بفعالية شديدة لتوجيه المحتوى وحجبه وفقاً للأجندة السياسية لهذه الدول، فيما تُفرض سياسات رقابة مشددة تصل إلى حد إغلاق الحسابات وفرض الحظر والاعتقال الرقمي لمن يجرؤ على الخروج عن النص المرسوم.

وخير دليل على ذلك إقدام( فيسبوك، منصة” إكس” يوتيوب) إغلاق صفحات موقع أنصار الله لمرات عدة دون سبب يذكر، سوى قول كلمة الحق والوقوف إلى جانب المظلومين.

المفارقة الصارخة هنا أنه طالما تبجحوا بحقوق الإنسان وحرية التعبير باتوا هم ذاتهم الأوصياء على تكميم الأفواه وملاحقة المعارضين، ليس في الساحات العامة بل على منصات التواصل ذاتها التي أعدوها لتكون ميداناً لتبادل الأفكار. اليوم، تُفتح أبواب هذه المنصات أمام أجهزة الأمن والاستخبارات الغربية لتعمل بحرية، فتراقب، وتقصي ما لا يتماشى مع سياساتها.

لم تعد الخصوصية الرقمية سوى وهم تروج له شركات التكنولوجيا الكبرى، لتجعل من عمليات التجسس والمراقبة سياسةً رسمية للدول الغربية. تحت حجج مبتذلة ومفبركة، مثل “مكافحة خطاب الكراهية” أو “حماية الديمقراطية”، تُقيد الحريات أكثر فأكثر، حتى بات الفضاء ا%8