شمال غزة.. بين وحشية الإبادة الصهيونية والتواطؤ الدولي

في جريمة حرب إبادة جماعية بشعة تضاف إلى سجل العدو الصهيوني الإجرامي، يواصل العدو الإسرائيلي ولليوم الـ 20 على التوالي، ارتكاب أبشع المجازر بحق أهالي شمال قطاع غزة أمام ومرأى ومسمع العالم: الأمم المتحدة، مجلس الأمن، والمنظمات الإنسانية والحقوقية الدولية، التي لم تستطع أن تحرك حتى اليوم ساكناً لوقف هذه الجرائم التي يندى لها جبين الإنسانية.

تواطئ دولي وعجز عربي

من جانبها قالت حركة المقاومة الإسلامية، حماس: إن ما يرتكبه العدو الصهيوني في المناطق الشمالية من القطاع “يشمل الإعدام الميداني والقتل المتعمّد للمدنيين، والاعتقال والإخلاء القسري، عبر استخدام القوَّة، وتحت وطأة المجازر والقصف الوحشي”، إضافةً إلى “التجويع، والحصار، والهجوم على المستشفيات، وقصف المنازل وتدميرها، ورفض إدخال المساعدات والوقود، بهدف تهجير شعبنا وإبادته، وخلق واقع جغرافي وديموغرافي جديد، ضمن ما بات يعرف بخطة الجنرالات”.

وأكدت الحركة، في تصريح للقيادي أسامة حمدان، أنّ العدو الصهيوني يرفض كلّ الطلبات والمناشدات الأممية الداعية إلى إدخال الغذاء والدواء والوقود للمستشفيات، كما يرفض طلبات إنقاذ العالقين تحت الأنقاض، شمالي غزة.

وبشأن المجتمع الدولي، جدّدت الحركة التذكير بأنَّ “صدقية المجتمع الدولي ومؤسساته الأممية، وعلى رأسها مجلس الأمن ومحكمة الجنايات الدولية ومحكمة العدل الدولية، باتت على محكّ المواثيق والقيم التي قامت عليها”.

ورأت أنّ المطلوب هو استخدام مقدّرات الأمة، “التي تؤلم هذا العدو وتكبح إرهابه ومخططاته العدوانية، التي لن تتوقّف عند حدود فلسطين”، في ظل العجز العربي والعجز الإسلامي عن التحرّك العملي والجاد لوقف المذبحة المستمرة بحق الشعب الفلسطيني.

حصار مطبق

وفي السياق، أكدت حركة المجاهدين أنّ شمال قطاع غزة يتعرض لأبشع عمليات القتل والإبادة الجماعية، منذ أسابيع، في ظل حصار مطبق يفرضه العدو، موضحةً أنّه يمنع كل سبل الحياة عن شمال القطاع، تنفيذاً لما عُرف بـ”خطة الجنرالات “، من أجل إفراغه من سكانه.

ودانت الحركة، في بيانٍ لها، الصمت الدولي والتخاذل العربي إزاء مجازر الإبادة الجماعية المستمرة التي يرتكبها الاحتلال، مطالبةً الشعوب العربية والإسلامية بكسر حاجز الصمت والقيام بواجبها لنصرة المظلومين في غزة، والذين يشكلون خط الدفاع الأول عن الأمة.

إحصائيات وأرقام

ووفقاً لآخر إحصائية، كشف المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة أن ما يرتكبه العدو الصهيوني في مناطق شمال القطاع، يأتي ضمن حرب الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني.

وأكد المكتب، أنه في إطار جريمة الإبادة الجماعية التي ينفذها “جيش العدو” على مدى 20 يوما، فقد أعدم العدو الصهيوني أكثر من 820 شهيداً في جباليا المخيم والبلد ومحيطهما، واختطف أكثر من 200 مدني بينهم سيدات، وأصاب أكثر من 1000 جريح، إضافة إلى عشرات المفقودين.

وأشار إلى أن أكثر من 100000 من الجرحى والمرضى يحتاجون إلى الرعاية الصحية والطبية العاجلة والسريعة، مُبيناً أنّها غير متوفرة، بسبب تدمير العدو الصهيوني للمنظومة الصحية والمستشفيات الأربعة في تلك المحافظة، إضافة إلى نفاد ما تبقى من المستلزمات الطبية بشكل كامل، واستهداف العدو للطواقم الطبية.

وأضاف، أن العدو الصهيوني ضمن مخططه لتهجير السكان من شمال قطاع غزة، أجبر الآلاف من المدنيين، غالبيتهم من النساء والأطفال وكبار السن، تحت تهديد القتل والقصف وحرق خيامهم ومراكزهم، على النزوح، وقد مارس في ذلك تضليلاً وكذباً.

 

روايات ميدانية

وأوضح المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، وفق ما وثّق عن روايات ميدانية وشهود عيان، أنّ العدو الصهيوني طلب من السكان الانتقال حسب مسارات وممرات حددها لهم، ووعدهم بأنها ممرات آمنة”، ولكن عندما مروا أطلق عليهم النار مُعدماً عدداً منهم، وترك آخرين ينزفون، واعتقل عدداً آخرا، بينهم نساء.

وأكد المكتب، أنّ العدو استخدم في الإبادة الجماعية شمال غزة، أنواع الطائرات الحربية المقاتلة والاستخبارية كافة والدبابات، والقذائف، وكل أنواع الأسلحة المُحرَّمة دولياً، واستخدم أيضاً وسيلة قنص المدنيين وإبقائهم ينزفون حتى الشهادة في الشوارع، ومنع وصول سيارات الإسعاف والطوارئ لإنقاذهم.

فيما روى شهود عيان تفاصيل مرعبة عن جرائم العدو الصهيوني الوحشية في الشمال، وفصل الرجال عن النساء، وحتى الأطفال ضاعوا عن أمهاتهم خلال النزوح القسري، عدا عن المصير المجهول للمئات منهم، ناهيك عن عدم توفر أكفان لستر أجساد الشهداء، مما اضطر نازحون لدفن جثامين شهدائهم في الطرقات العامة دون تكفين، جراء الحصار المطبق والقصف المكثف الذي يشنه العدو على المنطقة.

وأظهرت مقاطع فيديو متداولة، مشاهد مروعة لنزوح جماعي للمدنيين العزل، حيث تعمد العدو الصهيوني اقتياد الرجال إلى أماكن مجهولة، فيما وُضعت النساء والأطفال في حفر كبيرة، بالإضافة إلى منع دخول الأدوية والغذاء إلى المنطقة.

كما كشفت مشاهد لمجازر العدو الصهيوني، كيف فتكت آلة القتل والإجرام الصهيونية بـ أجساد الأطفال في شمال غزة، وأظهرت مشاهد لأطفال مقطوعي الرؤوس، وأخرى مرمية على الشوارع وأخرى ما تزال عالقة تحت الأنقاض، في إجرام لم يحدث مثله في التاريخ، بالشراكة مع دول التطبيع العربية، وفي ظل صمت عربي، وإسلامي، ودولي، مطبق.

على ضوء ذلك، طالب المكتب الإعلامي الحكومي، المجتمع الدولي والمؤسسات الدولية والأممية، بالعمل على فتح ممرات إنسانية بشكل فوري وعاجل؛ لكي يتسنى إدخال المستلزمات الطبية، كما طالبهم بممارسة الضغط الفعلي والجاد على العدو الصهيوني لوقف الإبادة الجماعية.

وحمّل العدو الصهيوني والإدارة الأميركية والمملكة المتحدة وألمانيا وفرنسا والدُّول المشاركة في الإبادة الجماعية كامل المسؤولية عن استمرار جرائم العدو.

تدمير ممنهج للوجود الفلسطيني

المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، أكد أن العدو الصهيوني يعمل بشكل منهجي وواسع النطاق على طرد السكان الفلسطينيين وتهجيرهم قسرًا من مناطق سكناهم شمال غزة، تحت وطأة المجازر، والقتل الجماعي، وقصف المستشفيات، ومراكز الإيواء، والمستشفيات “مستشفى الإندونيسي” في جباليا، ومستشفى “كمال عدوان” في بيت لاهيا، الذي يستقبل أكبر عدد من ضحايا العدوان الصهيوني، حيث أمر العدو الصهيوني بإخلائه مجددًا، في ظل تحديات كبيرة يواجها المستشفى بعد نفاد وحدات الدم والمستهلكات الطبية والقصف المتواصل في محيطه، إلى جانب استنزاف طاقة الطواقم الطبية بعد أن استقبل على مدار 19 يومًا مئات الحالات من الشهداء والمصابين.

وقال المرصد في بيان له: إن المجازر التي يرتكبها العدو الصهيوني على الأرض، تشير إلى أن مخطط تفريغ الأرض من سكانها وتدمير الوجود الفلسطيني يجري تطبيقه بسرعة غير مسبوقة، فيما يُعامل السكان الذين يرفضون أو لا يتمكنون من إخلاء منازلهم كإرهابيين، ويُواجهون بالقتل والاستهداف المباشر.

وأكد أن “جيش” العدو يعمل بشكل ممنهج على تدمير مقومات الحياة من خلال استهدافه وتدميره للشوارع والمخابز وآبار المياه ومحطات المياه، وتدمير الأراضي الزراعية التي أعيد زراعة جزء منها؛ لتلبية احتياجات السكان، بعد منع إدخال أي خضروات في الأشهر الماضية.

كما أكد الأورومتوسطي أن العدو الصهيوني على مدى 19 يوما، دمّر وأحرق مئات المنازل في شمال غزة، خاصة مخيم جباليا، ما تسبب في استشهاد وإصابة المئات أغلبهم من الأطفال والنساء، في حين ما تزال أعداد كبيرة من الضحايا تحت أنقاض المنازل المدمرة وفي مراكز الإيواء المستهدفة، ويتعذر انتشالهم وإجلاؤهم نتيجة الحصار الشامل وحظر التحرك تحت تهديد القتل الذي يفرضه العدو الصهيوني على السكان في تلك المناطق.

وجدد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، دعوته الأمم المتحدة لإعلان شمال قطاع غزة منطقة منكوبة، بما يقتضيه ذلك من تدخلات فورية، وإلزام العدو الصهيوني بوقف الإبادة الجماعية هناك، وحماية المدنيين، في ظل ارتكاب العدو الصهيوني جرائم قتل جماعية وفردية ممنهجة وواسعة النطاق، وتجويع متعمد كامل، وتهجير قسري جماعي، وتدمير كامل لما كان متبقيًا من مقومات الحياة، مشددًا على أن صم المجتمع الدولي آذانه وعجزه عن وقف ما يجري يجعله شريكًا في الإبادة الأكثر وحشية.

عدوان وحشي

مكتب المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، حذّر في بيانٍ أخيرٍ له، من احتمال أن تؤدي هجمات قوات العدو الصهيوني والقيود التي تفرضها والتهجير القسري الذي تمارسه في شمال قطاع غزة، إلى “إنهاء الوجود الفلسطيني في تلك المنطقة”.

وقال المكتب: إن الحياة أصبحت “مستحيلة” بالنسبة للمدنيين المحاصرين في شمال غزة، وأن الكثير من السكان على حافة المجاعة بسبب النزوح القسري المتكرر، والقيود الشديدة التي يفرضها العدو الصهيوني على وصول إمدادات المساعدات الإنسانية الأساسية، واصفاً الهجمات التي يشنها العدو الصهيوني في شمال غزة، بالمروعة والوحشية.

 

أوضاع إنسانية مأساوية

من جانبها أكدت المتحدثة باسم برنامج الغذاء العالمي في فلسطين المحتلة عبير عطيفة، أن العدو الصهيوني يفرض قيوداً مشددة على إدخال المساعدات لقطاع غزة، وقام بإخراج المخبز الوحيد الذي يغذي قرابة مائة ألف مواطن في كافة مناطق الشمال عن الخدمة، معتبرةً الأوضاع خطيرة من حيث الأمن الغذائي في جنوب القطاع وشماله.

ووصفت المتحدثة باسم برنامج الغذاء العالمي الظروف الإنسانية في شمال القطاع، بالمأساة، وفي جنوبه، هناك قيود، واحتياج يفوق ما يُقدم والأمن الغذائي في غاية الخطورة.

مشاهد صادمة ومرعبة

من جانبها حذرت منظمة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) من أن مستوى الأمن الغذائي بقطاع غزة في خطر، خاصة في مناطق الشمال التي تشهد كارثة إنسانية، داعية إلى ضرورة السماح بدخول الإمدادات الإغاثية الحيوية، من غذاء وماء ووقود ودواء.

وقالت القائم بأعمال المكتب الإعلامي للمنظمة إيناس حمدان، “إن هذا هو الوضع الذي حذرت منه الأونروا ومؤسسات أممية أخرى منذ أشهر، فالمشاهد في الشمال صادمة ومرعبة والعائلات محاصرة منذ أكثر من أسبوعين، ويتم قصف المنازل والبنى التحتية وحتى منشآتها في تلك المناطق مثل مركز إيواء ومدرسة قُصفا خلال الأيام الماضية، في ظل عدم السماح بإدخال ما يكفي من الإمدادات والمساعدات الإغاثية للسكان”.

وأوضحت أنه وفقا للتقارير، “فإن معظم المواد الغذائية نفدت ولا توجد كميات كافية من المياه الصالحة للشرب ونقص الوقود، ويسقط عدد كبير من الضحايا إلى جانب الجثث الملقاة في الشوارع، في ظل عدم إمكانية الوصول إلى الخدمات والرعاية الطبية اللازمة، كما أن المستشفيات الثلاث الأساسية هناك تعمل بأدنى الإمكانيات وفوق طاقتها الاستيعابية وتعرض مستشفيان منهما للقصف المباشر منذ أيام”.