رمال مأرب تحصد أرواح المئات من الغزاة وتجبر الإمارات على الاعتراف بهزيمتها في اليمن.
مثلت ضربة توشكا الصاروخية على تجمعات الغزاة بمعسكر صافر بمأرب والخسائر الكبيرة التي منيت بها القوات الإماراتية الغازية ضربة قاصمة وصادمة في مسرح الحرب ضد قوى الغزو، حيث تلقت القوات الإماراتية أكبر خسارة بشرية في تأريخها منذ التأسيس، وأجبرت على الانسحاب التدريجي وصولاً الى اعترافها الرسمي بفشلها في اليمن من خلال التصريحات الأخيرة لوزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي، والتي بدا فيها متناقضاً حد السخرية بين الاعتراف بمرارة الهزيمة في المستنقع اليمني أو المكابرة حفاظاً على سمعة جنوده المغلوبين على أمرهم.
ولم تكن ضربة صافر الصاروخية التي أودت بحياة 59 جندي إماراتياً وسقوط 80 جريح منهم إضافة إلى عشرات القتلى والجرحى من جنسيات أجنبية مختلفة إلا جرعة يمنية تلتها جرعات أخرى قتل فيها عشرات الجنود الإماراتيون والسعوديون على امتداد الخارطة الجغرافية اليمنية.
ويمكن القول أن صحراء مأرب الشاسعة كانت المسرح الأبرز لخسائر القوات الإماراتية، حيث دفع تحالف العدوان السعودي بآلاف الجنود لتحقيق أي انتصار في المحافظة الغنية بالثروات النفطية، لكن رمال مأرب كانت لهم بالمرصاد، وابتلعت عشرات الجنود الغزاة.
وتمثل التواجد الإماراتي والسعودي الأبرز بمحافظة مأرب في ثلاثة معسكرات رئيسية، هي معسكر صافر ومعسكر تداوين ومعسكر صحن الجن شرقي مدينة مأرب، وتلقت تلك المعسكرات عشرات الصواريخ وألحقت بقوى الغزو والاحتلال خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد تم الاعتراف ببعضها والتكتم على الكثير منها.
وتفيد إحصائية أعدها موقع “المسيرة نت” بإطلاق القوة الصاروخية للجيش واللجان الشعبية تسعة صواريخ باليستية على معسكرات الغزاة والمرتزقة بمحافظة مأرب، إضافة الى العشرات من صواريخ الكاتيوشا وصواريخ محلية الصنع، تكبد خلالها الغزاة خسائر كبيرة.
وهي على النحو التالي:
4/ 9/ 2015م: أطلقت القوة الصاروخية للجيش واللجان الشعبية صاروخاً باليستياً من نوع توشكا على تجمعات الغزاة بمعسكر صافر، وأوقع نحو 189 قتيل و300 جريح من القوات الإماراتية والسعودية والبحرينية.
19 / 12/ 2015م: إطلاق صاروخ باليستي من نوع “قاهر-1” على غرفة عمليات الغزاة بصافر، ومصرع وإصابة العشرات.
20 / 1/ 2016م: استهداف معسكر البيرق التابع للغزاة بصاروخ باليستي من نوع توشكا ومقتل 120 جندي.
5 /2/ 2016م: إطلاق صاروخ باليستي من نوع توشكا على معسكر الماس بالجدعان بمأرب ومقتل 48 عنصر وإصابة العشرات.
10 / 3/ 2016م: إطلاق صاروخ باليستي من نوع “قاهر-1” على معسكر التداوين بمأرب.
14 /3 /2016م: استهداف معسكر التداوين التابع للغزاة بصاروخ باليستي من نوع “قاهر-1”.
16/ 3/ 2016م: إطلاق صاروخ “قاهر-1” على معسكر التداوين بمأرب ومقتل وإصابة العشرات.
4 /4/ 2016م: إطلاق صاروخ باليستي من نوع “قاهر-1” على معسكر النصر التابع للغزاة والمرتزقة بمأرب.
وقد مثلت الخسائر الكبيرة التي تلقتها القوات الغازية صدمة كبيرة وغير متوقعة بالنسبة للغزاة، نظراً لحجم الخسائر التي منيت بها جيوش تخوض الحروب لأول مرة في تأريخها، وأجبرت القوات الإماراتية على الانسحاب التدريجي وبعيداً عن وسائل الإعلام، للملمة جراحها والحفاظ على من تبقى من جنودها، خصوصا بعد الفشل الكبير في تحقيق أي تقدم ميداني على الأرض يقلب موازين القوى.
وقد رصدت ما يسمى بحملة شهداء الكرامة الإماراتية مقتل 200 جندي إماراتي في اليمن، وتم نشر صورهم بوسائل الإعلام المختلفة.
وفي ميدان المعارك وساحات القتال لقي العشرات من الغزاة مصرعهم برصاص مجاهدي الجيش واللجان الشعبية، وأحرقت العشرات من الآليات والمدرعات في ملحمة وطنية نضالية كبرى، سطر خلالها أبطال الجيش واللجان الشعبية أروع التضحيات في سبيل الدفاع عن اليمن وسيادته واستقلاله.
أدركت الإمارات وفي وقت متأخر خطورة المستنقع اليمني وحاولت الانسحاب تكتيكياً من خلال سحب معدات وآليات ضخمة من محافظة مأرب تحت ذريعة مبادلة المهام بين القوات الإماراتية الغازية، وخفضت عدد قواتها المتواجدة بمأرب، ولم يعد لها سوى تواجد رمزي في بعض المعسكرات البعيدة من مناطق الصراع.
كما أن قيادة الإمارات المعروفة بعداءها لجماعة الإخوان المسلمين، اكتشفت في وقت متأخر أن مليشيا حزب الإصلاح التابع لجماعة الإخوان المسلمين وعناصر القاعدة المكون الرئيسي في المعارك الدائرة بمحافظة مأرب، وهو ما أحدث تناقضاً كبيراً نتيجة العداوة المزمنة وتسرب الشكوك وتبادل الاتهامات بالخيانة والفشل.
حاولت الإمارات على مضض مراضاة حليفها السعودي، وقدمت مئات المدرعات والصواريخ الحديثة لمليشيا المرتزقة، لكنها ذهبت من نصيب مليشيا الإصلاح والقاعدة المتحكم الرئيسي في قيادات الجماعات المسلحة بمأرب، الأمر الذي أثار غضب الإمارات وبادرت بسحب منظومتها الصاروخية المعروفة بمنظومة صواريخ (الباتريوت)، وتركت حلفاءها تحت رحمة صواريخ الجيش واللجان.
ولعل التصريح الأخير لوزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي فيما يتعلق بانتهاء عملياتها العسكرية في اليمن، والتصريحات المتناقضة واللاحقة لتصريح قرقاش، كانت بمثابة تخبط كبير كشف مدى هشاشة تحالف العدوان السعودي والخسائر الكبيرة التي تلقتها دويلة الإمارات في يمن الإيمان والحكمة.
وبين الحيرة في وقف العمليات العسكرية ووقف الاستنزاف الحاد لجنودها، وبين الاستمرار لمجاملة الحليف الغارق هو أيضاً في خسائر مهولة لم يعهد لها مثيل في تأريخه، يقف ساسة الإمارات حيارى بين ابتلاع مرارة الهزيمة أو مواصلة الغرق في المستنقع اليمني.
وصدق الضابط التركي الذي صاح بأعلى صوته أمام قلعة شهارة التاريخية، حينما رأى جنوده يتساقطون كالجراد واحداً تلو الآخر أمام المقاوم اليمني: “إن هذه البلد مقبرة الغزاة”.
وها هو التأريخ يعيد نفسه حيث لم يفهمها بعران الخليج إلا بعد خسائر باهظة في الأرواح والعتاد.