حالة الطمع في رضوان الله والقرب منه قليلة فينا ونادرة
من هدي القرآن الكريم |
لا يبدو أن داخل هذه الأعمال، خاصة في قوله: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ}، وقبلها. أيضاً {وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} أنهم ينطلقون في أعمال هي مما هي مصنفة عند الفقهاء في قائمة المندوبات والمستحبات، هم ينطلقون في هذه الأعمال سواء كانت واجبة، أو مستحبة، أو مندوبة، المهم أنها أعمال ترضي الله سبحانه وتعالى، وهم يبحثون عما يحصلون من خلاله على رضوان الله، وعلى ما وعد به أولياءه.
{تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ} نحن نصلي صلاة المغرب قبل أن نرى أنفسنا في حالة نحن نميل إلى المضاجع ولكن جنوبنا تبتعد عنها.. نلزمها أو نرغمها على الابتعاد عنها، ونصلي العشاء كذلك في حالة كهذه، والمغرب والعشاء هي الفريضة الواجبة داخل الليل أليس كذلك؟ لكن هناك عبادة أخرى ينطلقون فيها سواء كانت بشكل صلوات أو ذكر لله سبحانه وتعالى أو تعلم، أو عمل, حركة أثناء الليل، عند هذا، وعند هذا، يدفعهم إلى أن يقوموا بالعمل الذي يجب أن يشتركوا فيه مع الآخرين، أو أن يتعاونوا في مشروع ما، فيه مصلحة للمسلمين.. هم ليسوا مستعجلين إلى النوم. لهم أعمال هي من قائمة العبادات والطاعات لله سبحانه وتعالى وهي واسعة جدا.
وهم {يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً}(السجدة: من الآية16) خوفا من الله، خوفا من أنفسنا أن تكون عاقبتنا بالشكل الذي توعد الله به العاصين له، أما الله ذاته سبحانه وتعالى فهو ليس فيه ما يخيفك، أنت لا تخشى أن يتغير مزاجه فيضربك أو يعتدي عليك، كما يحصل من ملوك الدنيا فقد يضربون أقرب المقربين إليهم. ألم يقتل أبو جعفر المنصور أبا مسلم الخراساني؟ ألم يحصل أحداث كهذه في بلاط كثير من الخلفاء، والرؤساء، والزعماء؟.
خف من نفسك أنت، أما الله فعلا سيضربك إذا ما اقترفت أنت ما تستوجب به أن يضربك بعقوبته في الدنيا أو في الآخرة. والمؤمنون يطمعون أيضاً في رضوان الله، وحالة الطمع هذه هي ما يفتقدها الكثير من الناس، خاصة من ربوا أنفسهم على قواعد [أصول الفقه] التي تربيه على الحد الأدنى فقط.
المؤمن بطبيعته بمعرفته لله بمعرفته للمقام الرفيع الذي وعد الله به أولياءه هو من يطمع في هذا، من يطمع في رضوان الله، من يطمع في القرب من الله، من يطمع فيما وعد الله به أولياءه. حالة الطمع هي قليلة ونادرة فينا، ولهذا نحتاج إلى كلام كثير مع بعضنا بعض لننطلق، وعندما ننطلق ننطلق ببطئ، وبتثاقل، لا يبدو أن هناك حالة من الطمع في نفوسنا في الحصول على ما يرضي الله سبحانه وتعالى.. ليس لدينا بتعبير واضح طمع فيما عند الله كطمعنا في هذه الدنيا ومظاهرها، والأشياء المادية الكثيرة فيها.
هذا جزاء عظيم، وقبله أيضا عقاب شديد وأليم. ألم يتحدث عن أولئك؟ {وَذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} وهنا يقول: {فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ} وهو يتحدث عن أوليائه هؤلاء {فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}. لأنه هكذا الحال عند الله سبحانه وتعالى وفي حكمه، وحكمته وعدله.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
من ملزمة معرفة الله وعده ووعيده الدرس الثالث عشر
ألقاها السيد/حسين بدرالدين الحوثي ” رضوان الله عليه”
بتاريخ 5/2/2002 م
اليمن – صعدة