تقرير.. الطائفية حجر قاتل في المقلاع الأمريكي السعودي

تتلون الحرباء بحسب ظروفها ومكان تواجدها، فإذا دخلت غابة خضراء بدلت جلدها باللون الأخضر، وإذا تسلقت الصخور عكست لون الصخرة على جلدها، وإذا دخلت صحراء بدلت أيضا جلدها بلونه.

هذا ما تفعله الإدارة الأمريكية في سياستها القمعية القائمة على الإرهاب والقتل وسياسة “من لم يكن معي فهو ضدي”.. منذ بداية تكوينها واستعباد السود الأمريكيين وقتل الهنود الحمر، بل وتصفيتهم تصفية طائفية وعرقية وإبادة جماعية لم يشهد لها التاريخ من قبل، حتى تكونت أمريكا على أنقاض وجثث السكان الأصليين.

واللافت أن السعودية كانت شريكتها في كل جرائمها التي ارتكبتها خلال العقود الأخيرة، فقد كانت السعودية الحليف الاستراتيجي واللوجستي الأول معها، في تدخلها بأفغانستان، الذي كان عبر إيجاد ذريعة للدخول باسم مواجهة ما يسمى “حركة طالبان” و”القاعدة”، بينما كانت تعمل على إثارة الطائفية ونزعات المذهبية.

وكذلك عندما دخلت أمريكا العراق، كان الإعلام السعودي يهيئ العامة من الشعوب العربية لاستقبال الغازي الجديد في العراق.. وهذا ما تحدث عنه الشهيد القائد السيد حسين بن بدر الدين الحوثي –رضوان الله عليه-، في إحدى محاضراته، بأن الإعلام الغربي ومعه الإعلام المرتهن للخارج أصبح يهيئ الظروف لأمريكا تحت عناوين مذهبية وطائفية، فإذا ما أصبح الناس ينتظرون دخول الغازي ويتعجبون لتأخرهم، تدخل أمريكا إلى البلد التي تريده دون وجود مقاومة أو خسائر.

كما تحدث الشهيد القائد السيد حسين بن بدر الدين –رضوان الله عليه- بأنه سيأتي الدور على اليمن إذا لم يكن هناك استعداد كامل وشعبي لمواجهته، استعداد فكري وعسكري وثقافي، نابذا للتفرقة الطائفية والنزاع المذهبي.. إذا لم تعزز هذه المبادئ كما أشار إليها الشهيد القائد في محاضراته فإن المعنويات ستكون ضعيفة وستكون الأرض مهيئة لدخول الأعداء واحتلال اليمن.

لقد استشعرت الإدارة الأمريكية خطورة المسيرة القرآنية التي انتهجها ودعا إليها الشهيد القائد ، فأوعزت إلى النظام السابق ودعته إلى إثارة مصطلح الطائفية والمذهبية تحت ذريعة محاربة الإرهاب، رغم أنها تعلم بأن المسيرة القرآنية ليست صنيعة أمريكية أو سعودية، وإنما هي عبارة عن مسيرة جهادية تحارب الثقافة الغربية الأمريكية والفكر الوهابي المخالف للشريعة الإسلامية وما جاء به الإسلام، تحت عنوان ما وافق القرآن الكريم فهو من الإسلام، وما خالفه فهو دخيل وغير مقبول.

تنبه الشهيد القائد إلى خطورة المشروع الأمريكي في إثارة الفتن الطائفية والمذهبية في اليمن والدول الأخرى، وإلى خطورة الفكر الوهابي، الذي يروج له النظام السعودي بأموال النفط وبدعم لوجستي (بريطاني-أمريكي).

وكان المستشرق والعميل في المخابرات البريطانية مستر همفر أشار –في مذكراته- إلى أن وزارة المستعمرات في المملكة البريطانية سعت إلى زرع عملاء لها في العالم الإسلامي.. -ومن ضمنهم همفر- الذي أوكلت له مهمة الحجاز ونجد، وبعد البحث عن الشخص المناسب لمساعدته في مهمته، وجد في الشيخ محمد عبدالوهاب ضالته، وعمل من خلالهما على احتلال البلدان، وتشويه الشرائع الإسلامية بفتاوى محمد عبدالوهاب التي كانت تساهم في إيجاد نزاع طائفي ومذهبي.

لم تستطع بريطانيا مواصلة العمل في الملف الحجازي النجدي، فأوكلته أو عملت بالشراكة مع الإدارة الأمريكية والتي كانت تعتبر إحدى مستعمرات الملكة البريطانية، وفعلا نجحت أمريكا في توطيد علاقتها مع المملكة السعودية واستخدامها كشريك أساسي في تنفيذ مخططاتها لقمع الشعوب واحتلالها كما فعلت في العراق بعد إشاعة النزاع الطائفي المذهبي في أوساط الشعب العراقي..

وانسجمت الإدارة الأمريكية والنظام السعودي، فكلاهما يخدم الفكرة “الصهيوأمريكية”، فكرة حماية اليهود الذين يحتلون فلسطين ويسيطرون على رأس المال العالمي والأمريكي، ونهب ثروات المنطقة العربية والإسلامية.. ومن ثم قيام المملكة السعودية وبإيعاز من الإدارة الأمريكية بتصدير وتبني الفكر الوهابي إلى اليمن لتحقيق نفس الأهداف الطائفية المذهبية تحت غطاء محاربة المد الشيعي الإيراني تارة ومحاربة الإرهاب تارة أخرى.

لاحقاً لم يكن مفاجئا أن يعلن رئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو عن انضمام إسرائيل إلى ما سماه “الاعتدال السني” في معركتها ضد الإرهاب.

ويقول سياسيون أن إعلان الكيان الصهيوني انضمامه إلى ما يسميه محور “الاعتدال السني”، ليس بمعزل عن ما يحدث في اليمن، فالعدوان الذي تشنه قوات تحالف العدوان على اليمن بقيادة أمريكا وإسرائيل ، يهدف في المقام الأول إلى حماية الكيان الصهيوني ، وحماية مصالح اسرائيل في المنطقة والمياه الإقليمية –حسب ادعاءاتهم-، بالإضافة إلى استمرار هيمنة وتدخلات أمريكا في اليمن التي انتزعها منها الشعب اليمني في ثورة 21 سبتمبر 2014م، وتحاول استرجاعها تحت عناوين محاربة الإرهاب، بينما هي تحاول استعادتها تحت عناوين النزاع الطائفي المذهبي بين أوساط الشعب اليمني، كما عملت سابقا في العراق قبل أن تدخلها غازية ومحتلة.

وبعد فشل الحروب الست على صعدة وسقوط ذريعة محاربة الإرهاب في اليمن؛ ومعرفة العالم بأن المسيرة القرآنية لم تأتي للقتل أو الذبح أو بالمفخخات والتفجيرات كما يعمل صنيعة أمريكا والسعودية من الحركات الإرهابية التي ظهرت منذ سنين.. اتجهت الإدارة الأمريكية إلى تشكيل تحالف من نوع آخر.. تحالف دولي يحمل نكهة الطائفية-المذهبية ضد فصيل معين من المسلمين أحد أهدافه محاربة المد الشيعي الإيراني في المنطقة.
سياسيون يؤكدون أن تشكيل ما يسمى بـ”التحالف الإسلامي لمحاربة الإرهاب” ما هي إلا خطوة من خطوات واستراتيجيات الإدارة الأمريكية لإذلال الشعوب.. فبعد فشل أمريكا والسعودية في إرضاخ الشعب اليمني عن طريق العدوان والحرب المفتوحة.. اتجه إلى استرجاع جبهة الطائفية والمذهبية، دعمتها بانضمام الدول الإسلامية لمحاربة الإرهاب –كما تدعي- وهذا التحالف يقصد به إرضاخ اليمن واليمنيين وإجبارهم على العودة تحت مظلة الإدارة الأمريكية والسعودية.
ويؤكد المحللون السياسيون أن أمريكا تستخدم ورقة الطائفية والمذهبية منذ سنوات عدة كما عملت في العراق، لتفريق الصف والوحدة الاجتماعية بين الشعب اليمني في مختلف المناطق، فإذا ما نجحوا في ذلك تمكنوا من دخول اليمن واحتلالها.. وما يفضح توجهاتهم تصريحات القيادات الصهيونية والأمريكية، وآخرها تصريح وزير الخارجية الأمريكي جون كيري الذي أكد أن الإدارة الأمريكية متحالفة مع المسلمين السنة بقيادة المملكة السعودية، ضد المسلمين الشيعة التي تقودهم الجمهورية الإسلامية الإيرانية “حسب تعبيره”.
وأضافوا: إن هذا التناقض العجيب واعتبار الإدارة الأمريكية والكيان الصهيوني نفسيهما جزءاً من الإسلام، والتحالف مع مذهب من مذاهب الإسلام ضد مذهب آخر!!.. هذا التناقض يدل على مساعي أمريكية في تعميق الخلافات الطائفية المذهبية في المنطقة العربية والإسلامية، ومن البديهي أن هذا التصريح منصب تجاه تعزيز نفوذ قيادات تحالف العدوان على اليمن ضد الشعب اليمني.. فالمملكة السعودية التي تعتبر نفسها “سنية” تدعي أنها تحارب ما تسميه “إيران الشيعية” في اليمن.
تصريح آخر لرئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتن ياهو عندما أعلن في وقت سابق عن انضمامه إلى الاعتدال السني ضد التشدد الشيعي في المنطقة العربية والإسلامية.. دليل آخر على واحدية الأهداف بين أمريكا والكيان الصهيوني وواحدية مخططاتهم ضد الشعب اليمني والشعوب الأخرى.. فورقة الطائفية والمذهبية بدأ اللعب بها لتدمير ما تبقى للشعب اليمني.
الجبير، وزير الخارجية السعودية، أشار مؤخرا في آخر تصريح له، بأنه تم تشكيل تحالف إسلامي ضد الإرهاب، بقيادة “أمريكا”!!.. كورقة طائفية جديدة تلعبها أمريكا هذه المرة علنا دون خوف أو تحفظ بهدف تعزيز الحروب والاقتتال الطائفي في اليمن والبلاد العربية والإسلامية الأخرى.

محاولة الإدارة الأمريكية والكيان الصهيوني إثارة النزاعات الطائفية والمذهبية في اليمن؛ هي مجرد أوراق يلعبونها بالتنسيق مع المملكة السعودية للسيطرة على العالم العربي والإسلامي واستمرار نهب ثرواتهم ومقدراتهم، وطالما الشعب اليمني والشعوب العربية غير المرتهنة للهيمنة والسيطرة الأمريكية السعودية متيقظة للمشروع الطائفي المذهبي التدميري في المنطقة ستكون في خير وبعيدة عن مآلات وأطماع أمريكا والصهيونية العالمية في المنطقة.