السعودية والفشل المُزمن

نبيل لطيف *

السعودية، التي سيبقى يلاحقُها الدمُ الطاهرُ للشيخ الشهيد النمر، لم تجد حتى بين العرب ودول مجاهل افريقيا، من يقف إلى جانبها في الورطة الكبرى التي وضعت نفسها فيها، إلا المتردية والنطيحة، وفشلت في مسرحيتها هذه أَيْضاً كما فشلت في كُلّ مساعيها السابقة لإثارة الفتن الطائفية واغراق منطقة الشرق الاوسط في صراعات مذهبية كريهة.

المتتبع للأداء السياسي والإعلامي السعودي وَجوقة “الجياع” و“الأذناب” اللاهثة وراء الدولار النفطي السعودي القذر هذه الأيَّام، يشعر أن هناك خوفا قاتلا تعيشه السلطات السعودية، بسبب ارتكابها جريمة قتل الشيخ الجليل العلامة الشهيد اية الله الشيخ نمر باقر النمر، ظلما وعدوانا.

السعودية ومن يقف وراءها، يعرفون أن الشيخ الشهيد النمر ليس معارضاً عادياً لنظام القبيلة الجاهلي الحاكم في جزيرة العرب، فالشهيد عالم دين ومجتهد ومفكر اسلامي كبير، ومعروف على الصعيدين العربي والاسلامي، وله شعبية عارمة في شرق الجزيرة العربية وخارجها، ومعارض سياسي بارز للنظام الاستبدادي الحاكم في السعودية، لذلك فان قتل مثل هذا الشخص لا يمكن أن يمر الراي العام العربي والاسلامي والعالمي من امامه مرور الكرام، لاسيما أن السلطات السعودية رغم كُلّ الحقد الذي تكنه للشهيد ورغم انه معتقل لديها منذ سنوات، إلّا انها لم تتمكن، رغم كُلّ امكانياتها الأمنية والإعلامية والسياسية، من أن تثبت ولو بدليل واحد يتيم من أن الشيخ النمر حمل هو أَوْ انصاره السلاح في حراكهم الشعبي السلمي منذ عام 2011، ضد قوات الامن، كما تزعم السلطات السعودية، لذا تعرف السعودية أن عليها أن تدفع ضريبة باهظة لأنها أراقت دماء مثل هذه الشخصية المهمة والمرموقة. جريمة قتل الشيخ التي ارتكبتها السلطات السعودية، اثارت كما كان متوقعا، ردود فعل حكومية وشعبية في مختلف انحاء العالم، لأنها جريمة ظالمة بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى، وقد اتسمت بعض ردود الفعل هذه بعنف عفوي، مارسه بعض الشباب الذي صعق من هول الجريمة، كما حدث أمام السفارة السعودية في طهران، عندما اقتحم بعض الشباب مبنى السفارة، إلّا أن قوات الأمن الإيرانية تمكنت من اخراجهم والقت القبض عليهم، دون أن يتم الاعتداء على أي من كوادر السفارة في طهران أَوْ القنصلية السعودية في مشهد، وتعهدت الحكومة الإيرانية بمحاكمة المهاجمين ومعاقبتهم، إلّا أن السعودية اعتبرت هذا الحادث البسيط كالهدية التي سقطت عليها من السماء، فأخرجت مسرحية قطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران، واوعزت إلى امبراطوريتها الإعلامية لإثَارة ضجة إعلامية بائسة، من أجل الهروب إلى الوراء للتغطية على جريمة قتل النمر، وكما كان متوقعا تحرك “الأذناب” و“الجياع” اللاعقون لحذية آل سعود، وأعلنوا قطع علاقاتهم مع إيران كما فعلت البحرين والسودان، وما زالت الآلة الإعلامية السعودية الخائبة تنفخ في هذه القربة المثقوبة دون توقف، عسى أن ينشغل العالم بهذا الخبر، وينسى جريمة قتل الشهيد النمر. الملفت انه في نفس اليوم الذي أعلنت فيه السعودية قطع علاقاتها مع إيران، انهالت على السعودية التنديدات، بسبب جريمة قتل النمر، حتى من قبل حلفائها في الغرب، ومنهم امريكا وفرنسا وبريطانيا، كما دعت المانيا إلى حظر بيع الاسلحة إلى السعودية، بعد الجرائم التي ارتكبتها في اليمن وسوريا، بشكل مباشر أَوْ عبر عصاباتها من القاعدة و“داعش” والمجموعات التكفيرية الوهابية الأُخْرَى.

السعودية، التي سيبقى يلاحقها الدم الطاهر للشيخ الشهيد النمر، لم تجد حتى بين العرب ودول مجاهل افريقيا، من يقف إلى جانبها في الورطة الكبرى التي وضعت نفسها فيها، إلّا المتردية والنطيحة، وفشلت في مسرحيتها هذه أَيْضاً كما فشلت في كُلّ مساعيها السابقة لإثارة الفتن الطائفية واغراق منطقة الشرق الاوسط في صراعات مذهبية كريهة، والسبب الاول والاخير لكل هذا الفشل السعودي المزمن، هو العقيدة الوهابية الهدامة والظلامية والمتخلفة التي تحاول تصديرها إلى شعوب العالم والتي تتعارض مع ابسط المبادئ الانسانية، بالإضافة إلى ارتفاع منسوب الوعي لدى الشعوب العربية والاسلامية التي، انكشف لها خطر الوهابية الذي لا يقل عن خطر الصهيونية، اللتان تعتبران معولين لهدم الدول والمجتمعات العربية والإسلامية.