السعودية ليست مملكة!

علي شرف المحطوري

في الجزيرة العربية حركة استيطانية توسعية تُدعى “السعودية” ارتبطت تاريخيا بالإدارة البريطانية، وانتقلت العهدة لاحقا إلى الإدارة الأمريكية، وكما اتكأت على المذابح ليقوم لها كيان، فهي لضمان الاستمرار والتوسع تمعن في تلك المذابح على نحو لم يحدث مثله زمن التتار.
هذه الدموية السعودية تؤكد ألا رشدا سياسيا مطلقا لدى عصابة الرياض، وأنها إنما تنحدر نحو عالم الإجرام الدولي جاعلة من بلاد الحجاز ونجد بؤرة لإرهاب الدولة، على منوال إرهاب الصهاينة في فلسطين.
ما تقوم به السعودية يتجاوز الجاهلية الأولى زمن قريش بمراحل، إذ لم يكن لدى قريش مشروع، مثلما عليه الحال مع “الجاهلية الثانية” التي تنخرط في مشروع توسعي استعماري يهدف إلى إبادة أكبر قدر ممكن من الناس كما هو الحال مع اليمن، وإسكات كل صوت معارض كما هو مع الشيخ النمر، وتدمير كل دولة لا تسير في ركابها كما هو الحال مع سوريا، وتشويه صورة من لا تستطيع الوصول إليه كما هو الحال مع حركات المقاومة وفي مقدمتها حزب الله، واحتواء أي دولة تخشى نهضتَها كما هو الحال مع مصر، وإقامة اصطفافات طائفية كما هو الحال مع تركيا للدفع نحو تفجير فتنة شعواء بترسيخ إيران عدوا.
ومَن المستفيد؟
وحده كيان العدو الإسرائيلي المستفيد الأبرز من كل ذلك الجنون السعودي، وهذا ما دفع السيد نصر الله أن يقولها صراحة: بأن التعقل لدى السعودية انتهى، ورسائلُها من اغتيال الشيخ النمر رسائل حرب على كل المنادين بالحرية في العالمين العربي والإسلامي، وأن دماء اليمنيين، والنمر ستكتب نهاية نظام آل سعود.

قدر اليمن أن يكون البديل!
مع انخراط معظم مشيخات الخليج مع السعودية في العدوان على اليمن تنكشف الجزيرة العربية أنها منطقة بلا “مشروع للأمة”، وفي الخطاب الأخير للسيد عبدالملك بدر الدين الحوثي إشارة إلى ذلك بتحديده المشكلات في ثلاث: اختلال في الوعي، اختلال في القيم والأخلاق، وغياب المشروع الحقيقي للأمة.
وقد اجتمعت تلك المشكلات في السعودية ومن معها، فمشروعهم مصادمٌ لتأريخ الأمة، وهم صحراويو التفكير، منحلو القيم والأخلاق، حيث نظرتهم للآخرين مادية بحتة، لا يقيمون وزنا لإنسان ولا شعب، يظنون أنهم بأموالهم قادرون ليس على شراء الذمم بل حتى على الاحتيال على الله بتصوير أنفسهم خدام “الحرمين الشريفين” ليتجاوز اللهُ عن جرائمهم، ويغفر لهم خطاياهم.
والحقيقة التي يجب أن يدركها كل فرد أن السعودية – وبمنظور عسكري بحت -إنما تمثل خط دفاع أول عن أكبر معسكر أمريكي في المنطقة والمسمى “إسرائيل”، وأي انهيار لذلك الخط الدفاعي يعني “خيبر الثانية”، وانبلاج فجر تأريخ جديد للأمة ليس فيه “سعودية” ولا إسرائيل”. لتبدأ الدورة الحضارية من جديد بوصول الحضارة الغربية إلى نهاياتها لصالح حضارة عربية إسلامية تعلي القيم الإنسانية الخالدة.