التكفيريون كسلاح بيد واشنطن.. لماذا يهدد ترامب المنطقة بالجحيم؟

تحبس المنطقة أنفاسها بالتوازي مع تحرك الجماعات الإرهابية التكفيرية في سوريا، ومحاولة العودة من جديد للسيطرة على المدن السورية.. فما الذي يحدث بالضبط وما علاقة أمريكا بتأجيج الصراع من جديد؟!.

لم يعد الأفق ضبابياً الآن، فالرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب ينتظر بفارغ الصبر لتتويجه رئيساً جديداً للولايات المتحدة الأمريكية، وفي جعبته الكثير من الملفات الساخنة التي تحتاج إلى المعالجة، لكن ما بات واضحاً أن الملف الفلسطيني ومنطقتنا التي يطلقون عليها تسمية “الشرق الأوسط” لن تهدأ على الإطلاق.

ما يؤكد ذلك، هي تصريحات ترامب الأخيرة التي توعد فيها المنطقة “بالجحيم” إذا لم يتم إطلاق جميع الرهائن المحتجزين لدى المقاومة الفلسطينية قبل تنصيبه في 20 يناير المقبل، حيث يقول: ” الثمن الذي سيدفع في الشرق الأوسط سيكون باهظاً، وسيواجه الجحيم كله”.

 

يؤكد هذا التصريح أن نوايا الرجل تجاه المنطقة غير سليمة، فالمفترض أن ترامب يعمل على إيقاف العدوان الصهيوني على قطاع غزة، والعمل على تحريك عجلة المفاوضات لإطلاق سراح هؤلاء المحتجزين، بدلاً من تهديد المنطقة برمتها، مع أن الكثير من دولها لا ناقة لهم ولا جمل فيما حدث، ويفترض أن يعتبر من سياسة الطاغية “بايدن”، وهذا ما يؤكده القيادي في حركة حماس باسم نعيم الذي قال “إن الرسالة التي كان ينبغي أن يوجهها ترامب هي للكيان المؤقت وإلى نتنياهو لإنهاء لعبتهم الشريرة باستخدام المفاوضات كغطاء لمصالحهم السياسية الإيديولوجية الشخصية”، مؤكداً أن فصائل المقاومة الفلسطينية كانت قريبة للغاية من التوقيع على صفقة، ولكن بسبب تصرفات نتنياهو وقراراته الوحشية انهارت هذه الصفقات.

 

 سوريا ومؤشرات الفوضى الخلاقة

ما يجعلنا على يقين بأن تصريحات ترامب لم تأتِ من فراغ، هي جملة من المؤشرات التي توحي بأن منطقتنا على صفيح ساخن، وأن ترامب ستكون بيده علبة الكبريت لإحراق المنطقة، فما يحدث في سوريه الآن هي مجرد البداية.

ما يؤكد هذه الفرضية هي جملة من التصريحات لعدد من المسؤولين في محور المقاومة، وفي مقدمتها سوريا، حيث يؤكدون أن ما تشهده سوريا هو جزء من مخطط إسرائيلي أمريكي يستهدف المنطقة برمتها.

ويقول السفير السوري لدى القاهرة ومندوبها الدائم لدى جامعة الدولة العربية حسام الدين آلا إن “ما يحدث في سوريا هو استمرار لما يحدث في غزة ولبنان مع وجود فارق بسيط وهو “تحريك للأذرع والأدوات الإرهابية لتحقيق نفس الأهداف والمخططات” لتنفيذ المخطط الذي يهدف لإثارة الفوضى وعدم الاستقرار.

ويكشف آلا أن المخطط الأمريكي عبّر عن نفسه في غزة من خلال “حرب الإبادة الشاملة” التي يشنها “كيان الاحتلال” الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني، وكذلك العدوان الهمجي الإسرائيلي في لبنان.

تتحرك الأدوات الإرهابية في سوريا إذاَ ضمن هذا المخطط، والذي لو نجح في سوريا، فسينتقل إلى العراق، ولبنان، ومصر، والأردن، وبالتالي تكون واشنطن قد استطاعت العودة إلى استراتيجيتها القديمة في ضرب المجتمعات العربية عبر الجماعات الإرهابية، لحرف بوصلة العرب عن العدو الحقيقي للأمة وهي “إسرائيل” وأمريكا.

تدرك الولايات المتحدة الأمريكية خطورة وحدة الساحات في مواجهة العدو الصهيوني، والتفاف الشعوب نحو هذا المحور، وتدرك كذلك المأزق الذي يعيشه الكيان جراء الضربات المتتالية التي يتلقاها من العراق واليمن ولبنان وغزة، ولهذا تحرك أدواتها لإعاقة الإسناد لغزة، وإغراق المنطقة بالفوضى عبر هذه الجماعات.

 

العراق.. الجرح لم يندمل بعد

وإذا كانت سوريا قد اكتوت بنيران الإرهاب والجماعات التكفيرية منذ عام 2011، فإن العراق لا يزال يعاني إلى يومنا هذا من الجروح العميقة التي لم تندمل بعد، ولهذا نفهم مخاوف العراقيين من تحريك واشنطن لهذه الورقة.

ويعيش العراق رسمياً مع فصائل المقاومة والحشد الشعبي منذ أيام حالة استنفار عام، مدركين المخاطر التي تحاك في المنطقة، جراء تحريك واشنطن للأدوات التكفيرية في المنطقة، ولهذا يؤكد رئيس هيئة الحشد الشعبي، فالح الفياض، الاستعداد التام للحشد الشعبي والقوات الأمنية العراقية في التصدي للمجاميع الإرهابية، قائلاً: “نحن أصحاب الاختصاص في القتال ضد المجموعات الإرهابية”.

ويشير المشهد العام في العراق إلى وجود إجماع للتصدي لأي محاولات للإرهابيين في اختراق الحدود العراقية، والعودة من جديد إلى المحافظات والمدن العراقية، مستذكرين الأيام والليالي السوداء التي عاشها العراق جراء السيارات المفخخة، وعنف الجماعات الإرهابية على العراقيين، كسبي النساء، وقتل المدنيين بدم بارد.

وفي قراءته لما يحدث يقول رئيس ائتلاف دولة القانون بالعراق نوري المالكي “إن الهجمات الإرهابية في سوريا ليست مفاجئة، بل تأتي ضمن سياقات ما تتعرض له المنطقة”.

 

اليمن.. إسناد وجاهزية

وأمام كل هذه التطورات، تبرز اليمن هذه المرة كقوة لا يستهان بها، وخاصة أن قواتنا المسلحة هي الوحيدة في المنطقة التي تشتبك مباشرة مع الأصيل الأمريكي والإسرائيلي بدلاً عن الأدوات، وتلحق بهما الهزيمة القاسية.

لكن لا يستبعد أن يحرك الأمريكيون أدواتهم من جديد، لإعادة ترميم الصورة المحطمة لواشنطن أمام اليمنيين، لا سيما وأن هناك فصائل متعددة موالية للسعودية والإمارات، وهي فقط تنتظر الإشارة والتوجيهات لإشعال الجبهات من جديد.

من ضمن الفرضيات لإشعال الجبهة في اليمن، هو ثبات الشعب اليمني على موقفه المساند لغزة، وتوجيه ضربات موجعة للعدو الصهيوني عبر الطائرات المسيرة والصواريخ المجنحة والفرط صوتية، لكن ما ينهك الأعداء في اليمن، هو وجود قيادة شجاعة ممثلة بالسيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي -يحفظه الله- والذي يعي كل المخاطر والمخططات الأمريكية ويتحرك لمواجهتها في الوقت المناسب، إضافة إلى التفاف الشعب اليمني حول هذه القيادة، ووعيه التام بكل المؤامرات التي تستهدف المنطقة.

تبقى المنطقة على فوهة بركان، فالأمريكيين والإسرائيليين والجماعات الإرهابية التكفيرية  وجهان لعملة واحدة، وجميعهم يتحركون في خط واحد ومسار واحد هو استهداف حركات المقاومة وإضعافها وتحطيمها لأنها العائق الأكبر الذي يقف أمام كل هذه المخططات.