البقرة الحلوب للشيطان .. بقلم: حمود عبدالله الأهنومي
كم هي موارد السعودية؟ وما مدى مصداقية موازناتها المعلنة؟ وكم تقضم الأسرة المتسلطة من موارد البلاد؟ وما هي نظرتهم تجاه أراضي الحجاز ونجد؟ ومن هو أغنى صبي في العالم؟ وماذا عن حياة الليل لأمراء مملكة قرن الشيطان؟ وكيف يعيش المجتمع السعودي حياة التناقض؟ وما هو سبب إسقاط الرافعة في الحرم المكي؟ وماذا عن كرم الأعراب في قصور الأمريكان؟ وأين يقع مرتزقة اليمن من إعراب هذه البقرة الحلوب؟ وما مقدر الخسائر التي منيت بها في العدوان على اليمن؟ ومن هو المستفيد ماديا من هذه الحرب العدوانية؟
ذلك ما تجيب عنه هذه المقالة
—
السعودية هي البقرة الحلوب، تلك هي مقولة المرشح الرئاسي الأمريكي دونالد ترامب، أول شهر سبتمبر الماضي، وهي مقولة تصيب كبد الحقيقة، وتعبر عن نظرة الأمريكيين لهذا المخزن الكبير من النفط والمصالح السائغة لهم في هذه المنطقة من العالم، إنها البقرة التي يكثر الراضعون حولها، وتوشك أن تسقط لكثرتهم وضرعها مليء.
في 6 يونيو الماضي غرّد على تويتر الأمير السعودي الشهير حفيد الملكين سعود بن سيف النصر بن سعود بن عبدالعزيز، قائلا: “الوقت يمضي بسرعة وأموال الوطن تختفي بسرعة هائلة ولا بد من التحرك للأخذ على يد من يستغل وضع الملك للاستمرار في هذا النهب الخرافي”.
حكاية السعودية لولم تكن واقعا لكانت من قصص ألف ليلة وليلة، ثروات هائلة، وعقول غبية، وفساد مستفحل، وإساءة تصرف بأموال الأمة إلى حد يثير دائما سخرية الأمريكان أنفسهم، وهم المستفيدون من هذا التصرف السعودي الأهوج بالأموال.
الموارد المالية لمملكة البقرة الحلوب
تجثُم مملكةُ “البقرة الحلوب” هذه على بحيراتٍ نفطية هائلة، يتجاوز إنتاجها النفطي المعلن عنه عشرة ملايين برميل يوميا، واقتصاد هذه المملكة اقتصاد ريعي يعتمد في إيراداته على النفط بنسبة 90%؛ ويظهر بوضوح أن هناك مصادر أخرى إيرادية ضخمة، كالغاز والمعادن والذهب والضرائب والجمارك والرسوم والزكاة وأصول الدولة في الشركات المحلية والعالمية، ولكن كثيرا منها لا يجدها المتابع منعكسة في الموازنة العامة لوزارة المالية، حيث يحرص آل سعود على اقتطاعها لتيسّر عملية الاحتيال المالي التي بني عليها شأن المملكة المالي من أول يوم.
يعتبر آل سعود نجدا والحجاز وعسير أراضي خاصة مملوكة لهم، وأن ما فيها من ثروات وخيرات هو ملك خاص لهم، بحكم أنهم فتحوا هذه الأراضي وأهلها مشركون بحسب نظريتهم الوهابية، وبما أن كل تلك الأراضي ملك للفاتحين فهم لا يلتزمون بموازنة حقيقية، ويعتبرون أي شيء يقدَّم للشعب إنما هو تفضُّل وهبة ملكية منهم على هذا الشعب الذي لا يستحق إلا ما تفضلوا به.
موازنات غير حقيقية وعجز كبير
في العام الماضي2014م أعلنت وزارة المالية موازنة الدولة العامة، بإنفاق يبلغ 228 مليار دولار، وإيرادات متوقعة للدولة بنفس القيمة، حسب التلفزيون الرسمي، وفي العام الجاري أعلنت موازنة بإنفاق يبلغ 229.3 مليار دولار، ولكن بتوقع إيرادات تبلغ 190.69 مليار دولار ، أي بعجز 38.61 مليار دولار، وعللوا ذلك بانخفاض أسعار النفط. علما أن احتياطي المملكة تجاوز الترليون دولار، جنته من سنوات الطفرة النفطية.
وبالعودة إلى الأمير سعود بن سيف النصر بن سعود وهو يعلِّق على العجز الذي سيلحق موازنة المملكة هذا العام بعد انخراطها في العدوان على اليمن، يقول مغردا بتاريخ 19 أغسطس الماضي: “وللعلم فإن العجز الذي كان مقدّراً له أن لا يتجاوز ١٤٥ مليار ريال٬ بلغ الآن ٥٠٠ مليار وربما يصل عند إعلان الميزانية القادمة أكثر من ٨٠٠ مليار”، يتوقع الأمير السعودي إذن عجزا قدره 213 مليار دولار في آخر عام2015م.
إن هذه هي الموازنة المعلَنة، أما الإيرادات الأخرى التي لا تدخل ضمنها، ولا يتم الإعلان عنها فحدِّث ولا حرج، حيث لا زالت الدولة السعودية تعيش حال دول القرون الوسطى، لا رقيب ولا حسيب عليها، حتى ولو في شكل صوري، فهناك من الموارد من لا يزال محكوما بالسرية المظلمة، وهناك إيرادات من مصادر أخرى لا يُعلَم عنها شيء.
مشروعان خارج الرقابة المالية
كشف تقرير وكالة رويترز استنادا إلى وثائق سرّبها موقع ويكيليكس أن هناك مشروعين لا يخضعان للرقابة أو للإشراف من قبل وزارة المالية السعودية، هما مشروع المسجد الحرام، ومشروع الخزن الاستراتيجي الذي يتبع وزارة الدفاع، وأنه يعتقد أن هذين المشروعين يمثلان مصدرا لعائدات كبيرة لعدد من الأمراء، كما كشفت وثيقة أمريكية سرّبها الموقع أيضا أن أميرا سعوديا أبلغ السفير الأمريكي في المملكة عام1996م أن “عائدات مليون برميل من النفط يوميا تعود بأكملها إلى خمسة أو ستة أمراء”.
موارد مغيبة
يعترف الأمير سعود بن سيف النصر الذي يعتبر من أجرأ الأمراء الذين دعوا مؤخّرا إلى عزل سلمان بن عبدالعزيز لعجزه وعزل بن سلمان وبن نايف لسفههما وعبثهما بالأموال العامة، يعترف هذا الأمير حيث يقول بتاريخ4 يوليو: “يزيد إنتاج النفط حالياً ٣ مليون برميل عن المُعلَن٬ ثم هناك دخل من مصادر لا يُعتَرف بها فتكون الزيادة عن الدخل الرسمي أكثر من ١٥٠ مليار شهرياً”.
هكذا يؤكد هذا الأمير أن هناك ثلاثة ملايين برميل يوميا لا تدخل في الحسابات العامة، وهناك مصادر أخرى إيرادية يرفض آل سعود الاعلان عنها، وتوقّع أنها توفِّر مبلغا يقارب 40 مليار دولار، يتم تقاسمها بين نافذي الأسرة الحاكمة من وراء الستار.
موارد الأسرة الحاكمة
تقول بعض الإحصائيات: إن ثلث إيرادات الدولة يذهب لحساب الأسرة الحاكمة، وهذا فيما تشرف عليه وزارة المالية ويتصل بالموازنة المعلنة؛ إذ يتقاضى أعضاؤها مبالغ مالية ضخمة باعتبارات مختلفة، فباعتبار أنه من أعضاء هذه الأسرة وبحسب إحدى الوثائق المسربة من ويكيلكس، فإن: كل أمير من أبناء عبدالعزيز يتقاضون شهرياَ 270.000 دولار، ويتقاضى كل أمير من أحفاد عبدالعزيز شهرياَ: 27000 دولار، كما يتقاضى أبناء الأحفاد شهرياَ 13000 دولار، أما أحفاد الأحفاد فكل فرد منهم يتقاضى شهرياَ 8000 دولار.
يقول الدكتور السعودي المعارض سعد الفقيه ردا على سؤال وجه إليه عن الموازنة: إن الفرد من آل سعود يتقاضى باعتباره موظفا في الدولة مرتبا شهريا آخر، فالملك له مرتب باعتباره ملكا، وولي العهد كذلك، وهكذا إلى آخرِ أميرٍ يتقلد وظيفة رسمية، وحيث كل أمير له وظائف أخرى ومتعددة، كأن يرأس ناديا أو مؤسسة أو جمعية، فله بذلك الاعتبار على كل وظيفة مرتب شهري آخر، ثم يتقاضى كل منهم أعطيات سنوية، عطاءٌ في محرم، وعطاءٌ في شعبان، وهي أعطيات ضخمة، ثم لكل أمير إعاشة كل أسبوعين، حتى ولو كان خارج البلد، ثم هناك هبات مناسباتية، مع كل مولود جديد، أو عند زفاف أحدهم، أو تخرُّجه، أو بنائه قصرا، هذا عدا الهبات العقارية التي يكون فيها دور الديوان الملكي المصادقة على أراض شاسعة يكون الأمير قد استولى عليها وحجزها لنفسه، وبعضها من أملاك عامة الناس وضعفائهم، ثم يطلب الأمير من الديوان تمليكه تلك الأرض، حتى صحراء الربع الخالي قد تم تملكها وتقسيمها بين الأمراء المتنافسين عليها داخل الأسرة المالكة، وحين تحتاج الدولة تلك الأرض المحجوزة لإقامة مشاريع عليها فإن الأمير الذي تملكها ويأمل أن تحتاجها الدولة يوما ما سيبيعها من الدولة بأضعاف أضعاف ثمنها، وبعقود وهمية، كما يتم عادة هبة المباني الحكومية القديمة من وزارات ومشاف ومدارس ومؤسسات لأعضاء في الأسرة الحاكمة؛ وهناك وزارات قديمة وهبت لأبناء سلطان بن عبدالعزيز، ومبنى مستشفى أجياد السابق مثلا وهب للأمير عبدالعزيز بن فهد.
عقار يفوق مساحة قطر والكويت
وصل الأمر أن تكون إحدى الوحدات العقارية التي يملكها مقرن بن عبدالعزيز تفوق مساحة قطر، وأخرى له أيضا تفوق مساحة الكويت. هكذا ينقل سعد الفقيه.
كما يتم عادة إعفاء هؤلاء الأمراء المنحدرين من صلب عبدالعزيز من جميع الخدمات المنزلية كالكهرباء والماء والتلفون، والنقل داخليا وخارجيا، والحماية الأمنية، ويتم إعفاؤهم أيضا من الجمارك والضرائب والرسوم والمخالفات.
ومن يتقلد وظيفة رسمية فإنه لا بد أن يسخِّر إمكانات تلك الوظيفة المالية لمصالحه الشخصية، فوزير الدفاع يسخِّر مالية وزارته لصيانة قصوره، وتنمية مزارعه ومؤسساته، إلى الحد الذي تقوم فيه طائرات الدفاع بإيصال العلف وجلب الحليب مِن وإلى مزارع أبقار وإبل ذلك الوزير.
أغنى صبي
ذكرت الصحافة الغربية عام 1987م أن أغنى صبي في العالم هو عبدالعزيز بن فهد، ومنها صحيفة الديلي ميرور (20/3/1987) حيث أعطاه والده مصروف الجيب (300) مليون دولار فقط! (أنور عبدالله، البترول والاخلاق: دراسة نقدية لأثر البترول على القيم والاخلاق في الجزيرة العربية).
لا يقتصر فساد أمراء آل سعود على تملك الأموال فقط بل في إنفاقها
فساد اليمامة
أصدرت الجزيرة فيلما وثائقيا بعنوان (سوداء اليمامة) تحدث عن تفاصيل الفساد الذي شاب صفقة اليمامة الشهيرة، والتي اشترت مملكة آل سعود فيها مبيعات أسلحة من بريطانيا، احتوت على عمولات مبالغ فيه، حصل عليها الأمير سلطان بن عبدالعزيز، وزير الدفاع آنذاك، والأمراء المقربون منه، ومنهم أولاده. كانت الصفقة بحوالي 43 مليار جنيه إسترليني (86 مليار دولار أمريكي)، تلقى الأمير السعودي بندر بن سلطان فقط فيها ملياري دولار مقابل تمرير الصفقة كعمولات ورشاوى، وأثار الفساد في هذه الصفقة المحكمة العليا البريطانية للتحقيق فيها، وامتلأت واجهات الصحف العالمية عن فضيحة صفقة اليمامة، فأصدر توني بلير قرارا بإيقاف التحقيق حفاظا على مصالح بريطانيا، لكن الحقيقة لا تتوقف عند إرادة (بلير)، حيث خرج من خلف هذا التكتم مَن جاء بالخبر اليقين.
حياة الليل وبائعات الهوى
ظهر على شاشة التلفزيون البريطاني «القناة الثانية (بي. بي. سي)» رجل يدعى إدوارد كانينغهام، الذي أفصح لأول مرة عن أنه تلقّى تعليمات بتلبية متطلّبات المسؤولين السعوديين الأقلّ مرتبة، من أجل تسهيل أعمال الشركة البريطانية، ووجد نفسه في موقف الوسيط الذي يساعد أولئك المسؤولين على التمتّع بحياة الليل في لندن، ويدفع عنهم فواتير المقامرة، ويرتّب لقاءات لطيّارين سعوديين كانوا يزورون لندن في إطار صفقة اليمامة مع بائعات الهوى. وقال في البرنامج: كنت أحضر بعضهن (بائعات الهوى) من المنطقة التي أقطن فيها، الأمر الذي كان يسبّب لي حرجاً شديداً، وبخاصّة أنني رئيس مجلس محلّي عمالي[1].
وتفيد مذكرة دبلوماسية اميركية كشفها موقع ويكيليكس أن المجتمع السعودي إسلامي محافظ، لكن قصور الامراء في جدة تخفي حياة ليل تعج بالكحول والمخدرات والجنس. وقالت برقية صادرة عن القنصلية الاميركية في تشرين الثاني/نوفمبر 2009 انه “وراء الواجهة الوهابية المحافظة في الشارع السعودي، يعيش شباب نخبة جدة حياة ليلية مليئة بالصخب والحياة”. واضافت البرقية ان “مجموعة واسعة من المغريات والموبقات متوفرة من بينها الكحول والمخدرات والجنس، لكنها تجري حصرا وراء ابواب مغلقة”. وتابعت البرقية ان “هذه الحرية للانغماس في المتع ممكنة فقط لان الشرطة الدينية تبقى بعيدة عن الحفلات التي تجري بوجود او برعاية احد افراد العائلة المالكة او احد افراد حاشيته الملكية”. وطبقا للقنصلية فان حفلات جدة – التي تشارك فيها عادة مومسات – هي ظاهرة برزت مؤخرا. وقال احد السعوديين للقنصلية ان السعوديين الاثرياء يحاولون اقامة حفلات في منازل الامراء او بحضور الامراء حتى لا تتمكن الشرطة الدينية من الاقتراب منهم.
إن شبكة النت تعج في مختلف قنواتها بالفضائح السعودية ولعديد أمراء وأميرات ينتمون إلى هذا البيت الحاكم في بلد يلقَّبُ حاكمه بـ(خادم الحرمين الشريفين). وفي واشنطن – أكتوبر 14، 2004 عرضت شبكة (ABC NEWS) أي بي سي الأمريكية تقريرا عن تورط أعضاء أسرة آل سعود الحاكمة في تهريب المخدرات والدعارة وعيش البذخ في أوروبا.
تناقض حاد وسياحات منحرفة
يعيش المجتمع السعودي حياة التناقض الحاد في حياته اليومية، فهو متدين ظاهريا، ولكنه مستفحل الفساد ومبالغ في التمتع بالشهوات باطنيا؛ ذلك أنه يتلقى تعاليمه الدينية من شيوخ الدين الذين تعمقوا في الحياة الاجتماعية للبلد، في ذات الوقت الذي أعطته طفرته المالية إمكانية الاطلاع والانفتاح على كل جديد وكل شهوة في العالم، ولأن المؤسسة الدينية لا تستطيع السيطرة على قلوب الناس، وإنما على ظواهرهم، كما لا تجرؤ على طرق أبواب الأمراء، فإن حالة من التدين المنافق هي من تسيطر على هذا المجتمع في مجمله.
نقلت هيئة الاذاعة البريطانية “بي بي سي” عن صحيفة “فاينناشيال تايمز” البريطانية: أن السعوديات أنفقن 2.4 مليار دولار العام الماضي على مواد التجميل والماكياجات والمساحيق والكريمات، وقالت الصحيفة: إن المرأة السعودية تعتبر الأكثر انفاقا في هذا المجال من بين نساء الشرق الأوسط تليها الكويت ثم الإمارات ثم قطر وأخيرا البحرين، ومجموع ما تنفقه هذه الدول في العام الواحد يتجاوز الخمسة مليارات دولار.
وأجرت صحيفة الرياض السعودية دراسة واستقصاء حيث وجدت أن أربعة ملايين سعودي قضوا إجازاتهم الصيفية خارج السعودية، وأنفقوا أكثر من 12 مليار دولار، وتصدرت فرنسا ثم بريطانيا ثم سويسرا ثم النمسا قائمة الدول المفضلة عند هؤلاء[2].
وبالطبع فلا تخلو هذه السياحات السعودية العالمية من طلب المتعة الحرام والسياحات الجنسية، ويعلم اليمنيون أنه بعد أحداث الـ11 من سبتمبر وانزعاج المجتمعات الغربية من السعوديين فإنهم تحولوا إلى اليمن وأحدثوا مشاكل اجتماعية في البلد، حيث شجّعوا هذه السياحة الجنسية، تحت اسم الزواج الشرعي، وكان مجرد سياحة جنسية حاولت التستر وراء شكليات الزواج الشرعي.
يخوت الشياطين
ليس حكام المملكة الفعليين بمنأى عن هذا الفساد والعبث بأموال الأمة؛ فقد غرّد السعودي الشهير مجتهد بتاريخ 2 أغسطس الماضي عدة تغريدات حول يخت الأمير محمد بن سلمان، المسمى سيرين، والذي اشتراه من ملياردير روسي بـ 500 مليون دولار أو ما يقارب 2 مليار ريال سعودي، اليخت الذي يبلغ طوله 133 مترا ويشتمل على غرف نوم وقاعات جلوس واجتماعات ومسابح ومهبط هيلوكبتر وكل أنواع الخدمات وتظهر عليه الحداثة والفخامة بشكل واضح، وأنه كان ينوي تصنيع يخت يتفوق على كل اليخوت في العالم، لكن التصنيع يحتاج سنوات، ولذلك لجأ لشراء يخت جاهز لأنه مستعجِل على مفاخرة عبدالعزيز بن فهد، صاحب اليخت الأشهر في العالم، المسمى (عبدالعزيز) والذي ورثه عن أبيه الملك فهد، وكان بن سلمان قد اشترى يختا أصغر قبل أن يسيطر على الميزانية بـ100 مليون دولار طوله 80 مترا لكن رأى أنه “مش قدّ المقام” – بعد أن أصبح ولي ولي العهد والمتحكِّم الفعلي في مملكة البذخ والإسراف – ولذلك قرر شراء “سيرين”.
يضيف مجتهد: تبلغ تكاليف صيانة اليختين 12 مليون دولار شهريا في حالة (عدم الاستخدام)، و20 مليون دولار عند الاستخدام، وبالطبع كلها محسوبة على وزارة الدفاع.
ونقلت صحيفة شؤون خليجية بتاريخ 10- 8- 2015م عن صحيفة تليجراف البريطانية، نقلا عن وسائل إعلام إيطالية: أن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن نايف قدّم عرضا لرئيس الوزراء الإيطالي السابق الملياردير “سيلفيو برلسكوني” لشراء فيلا تابعة له بجزيرة سردينيا وذلك مقابل 350 مليون جنيه إسترليني.
وأكّد ذلك الأمير السعودي سعود بن سيف النصر، في تغريداته بتاريخ21 سبتمبر قائلا: يؤسفني أن ما يتداوله الناس عن شراء السفيه (ويقصد به دائما بن سلمان) لجزيرة بالمالديف واليختserene بما يقارب٤مليار ريال حقيقة، وليس إشاعات وهو جزء بسيط من بعثرته للأموال، وأضاف: ويؤسفني أن من يعلوه في المنصب (بن نايف) يسابقه في هذه التصرفات وأن شراءه قصر برلسكوني ب٢ مليار ريال ليس إلا طرف جبل الجليد من التلاعب بأموال الوطن.
هؤلاء هم آل سعود وخدام الحرمين الشريفين والأمناء على الأرضي المقدسة والذين يشنون اليوم حربا عدوانية سافرة وقذرة ضد الشعب اليمني إنسانا وتاريخا وحضارة ومقدرات باسم الدين وباسم الله تعالى الله عن ذلك الفحش والمنكر.
فساد بن سلمان ومؤامرته على شركات ابن لادن
في جانب آخر تعتبر نفقات تلك (البقرة الحلوب) على التسليح أعلى المعدلات العالمية، وهذا ليس إعدادا لتحرير الأقصى الشريف، ولكنه كما اتضح اليوم كان لقصف المدنيين أطفالا ونساء وشيوخا وشبابا في الجار الأدنى لهم، وهو اليمن، ومع ذلك فإن عقود التسليح تشكِّل أكبر العقود التي يتخذها الأمراء آل سعود للحصول على الأموال؛ غرّد مجتهد بتاريخ 5 أغسطس الماضي أن العقد الذي أبرمه بن سلمان مع شركة إيرباص حُسِب على الميزانية بـ12 مليار دولار، بينما تسعيرة الطائرات المعلنة على موقع الشركة في النت يشير إلى زيادة بمقدار 50% عن قيمة الصفقة، وخلَص مجتهد إلى أن 4 مليار دولار ستذهب إلى جيب بن سلمان من وراء هذه الصفقة، وغرّد بتاريخ 12 أغسطس أن بن سلمان بعد استحواذه على أرامكو وصفقات السلاح قرر الاستحواذ على مشاريع توسعة الحرمين حتى يستكمل السيطرة على أكبر وسائل السرقة للمال العام، وأنه تمكن بـ”فرمان” ملكي من زحزحة شركة بن لادن وإحالة كل المشاريع لشركة نسما التابعة له بل وإحالة ملكيات معدات بن لادن لشركة نسما.
كنا نرى هذا تخرصا بالغيب، لكن وقوع حادثة سقوط الرافعة في الحرم خلال شهر سبتمبر الجاري على الحجاج أكّد رواية المغرِّد مجتهد، حيث اتخذ الملك سلمان بن عبدالعزيز عددا من القرارات التي ستفضي إلى تصفية الشركة والحجز على أموالها، وإنهاء عملاق شركات المقاولات، شركة ابن لادن؛ الأمر الذي يشير إلى أن الحادثة كانت قد دُبِّرت بليل، وأنها بهدف السيطرة على الشركة، وهكذا يعبث آل سعود بالمقدسات وبأرواح حجاج البيت الحرام للحصول على المال الحرام، بلا خوف ولا حياء من الله، وهو بالطبع ليس بأسوإ من هذه المجازر اليومية التي ينفذونها بحق شعبنا العربي المسلم في اليمن.
أموال للتدمير والإفساد والإرهاب
هذه الأموال التي امتحنهم الله بها لينظر كيف يعملون بها وأمهلهم إزاءها، لا تجد منهم ألسنة شاكرة ولا قلوبا لله ذاكرة، فقد استخدموها أيضا في الإفساد والتدمير في مختلف بقاع العالم، وبما أنهم يشكلون جزءا من الحلف الأمريكي الغربي المعادي للعرب والمسلمين وقضاياهم فإنهم يؤدون دورهم التدميري على أكمل وجه في مختلف بقاع العالم العربي والإسلامي، فكل هذه المدارس التكفيرية التي انتشرت في جسد العالم الإسلامي كانت قد انطلقت من السعودية ونمت بأموالها، وفجّرت وفخخت الأبرياء بتأثيراتها، وبدعاوى الإسلام والسنة التي تدرس فيها، اليوم ليس هناك منطقة في العالم تعاني من مشكلة التكفير وأضراره وآثاره إلا وللسعودية وأموالها المتفلتة وغير المنضبطة دورٌ فيها، يعرف العالم جميعا أن جبهة النصرة في سوريا مدعومة من المخابرات السعودية، وجاهَرَ مسؤولون سعوديون بوجوب الاستمرار في تسليح ما يسمى بالمعارضة السورية حتى أحدثوا كل ذاك الخراب في أرض الشام المباركة، وهاهم يكررون الإفساد والتدمير في اليمن، ذانك البلدان اللذان وضعها الرسول صلى الله عليه وآله وسلم مقابلا موضوعيا لنجد قرن الشيطان، التي منها تخرج الزلازل الاجتماعية والفتن الدموية، وما يحدث اليوم في عالم الإسلام من اضطرابات وحروب سببه الأول والأخير هذه الأموال التي تقع تحت تصرف الشيطان وأهوائه في تلك (البقرة الحلوب).
نقلت صحيفة اليوم السابع المصرية وبحسب وثيقة سرية مؤرخة في ديسمبر 2009م ووقعتها الوزيرة كلينتون، قالت فيها: إنه لا يزال هناك أمور كثيرة ينبغي فعلها في ظل استمرار السعودية، كمصدر هام في تقديم الدعم المالي للقاعدة وطالبان وعسكر طيبة وجماعات إرهابية أخرى، وحثّت المذكرة السرية الدبلوماسيين الأمريكيين على مضاعفة جهودهم لمنع وصول أموال الخليج إلى المتطرفين في باكستان وأفغانستان. وقالت كلينتون: “إن المانحين في السعودية يشكلون مصدراً لتمويل الجماعات السنية الإرهابية في جميع أنحاء العالم”. وتضمّنت الوثيقة أسماء ثلاثِ دولٍ عربية أخرى كمصادر لتمويل المسلحين، وهى الكويت وقطر والإمارات، غير أن المشكلة تتحدّد بشكل خاص في السعودية، كما تقول صحيفة الجارديان، حيث يتنكر المسلحون الذين يجمعون التمويلات في صورة حجاج، وينشئون شركات وهمية لغسيل الأموال وتلقيها من الجمعيات الخيرية التي تقرها الحكومة السعودية.
الإسلام الوهابي والإسلام الهندي
ليس الأثر التدميري الذي تحدثه السعودية مقتصرا على بلدان العالم العربي؛ فهذه الهند تشكو من فساد الأموال السعودية، وصناعتها التعصب الطائفي بين سكانها، فبحسب وثيقة سرّبها موقع ويكليكس بتاريخ22/ 8/ 2009، وتحت موضوع: الرئيس الهندي في الرياض والعلاقات السعودية الهندية، يشكو الهنود ويكررون قلقهم بشأن تمويل السعودية للإرهاب في بلدهم، تقول الوثيقة: “التمويل السعودي للمدارس والمنظمات الدينية ساهم في التطرف في كل من الهند وباكستان. الإسلام الهندي إسلام متسامح, ونحن لا نستطيع الالتزام بنشر وجهات النظر المتطرفة”. “إن الحكومة الهندية قلقة بشأن المساهمات الخيرية من المصادر السعودية إلى جنوب آسيا”، ويمكن قياس مختلف بلدان العالم على هذا النحو.
كرم الأعراب في قصور الأمريكان
غير أن هناك بلدا لا يمكن أن تزوره تلك الأموال السعودية إلا لإسعاد أهله، وزعمائه، وإعانة رؤسائه الفقراء إذا ما تقدموا للرئاسة، إنه بلد العم سام أمريكا، بلد الشيطان الأكبر الذين يرضع من البقرة الحلوب.
في كتابه (البترول والأخلاق) ينقل الكاتب أنور عبدالله، أن السفير السعودي في واشنطن الأمير بندر بن سلطان قدّم 90 مليون دولار دعما لحملة الحزب الجمهوري في انتخابات ريغان للمرة الثانية، كما نقل عن الملك فهد دعمه أمريكا بمليار وثمانمائة ألف دولار عام 1985م، وحين زارها أهدى لصديقه ريغان ولحرمه نانسي، هديتين من ضمنها ساعة مرصّعة بالألماس وخاتم الرئاسة الأمريكية من الألماس، وطاقما ذهبيا يضم إبريقا وأقداحاً مرصّعة بالأحجار الكريمة، وشنطة يد مزينة بالذهب والألماس!!..بينما كافأه ريغان على هديته هذه بهدية عبارة عن كتاب يتحدث عن الطيور في القارة الأمريكية، بالإضافة إلى صورته الشخصية مع زوجته نانسي .. وفي نفس الوقت كان طفل الملك، عبدالعزيز بن فهد (12 سنة) قد تبرع بمئة ألف دولار لمتحف الأطفال بواشنطن.
حليب بقرتهم في أفواه اللجنة الخاصة
هذا هو كرم الأعراب في قصور الأمريكيين، لكنه بالتأكيد ليس على هذه الشاكلة في بلدان العرب والمسلمين، فهو ليس سوى صواريخ وقنابل ومفخخات ومدارس وجامعات تكفيرية، ولنتوجه لبحث أموال بقرة الشيطان الحلوب ماذا تفعل في اليمن؟
تظهر قائمة كشوفات اللجنة السعودية الخاصة أسماء المئات من شيوخ القبائل والأعيان والسياسيين والجنرالات والأحزاب والمتنفذين في السلطة اليمنية وهم يتقاضون مبالغ شهرية ضخمة وهائلة من السعودية، فما يستلمه الشيخ صادق الأحمر هو 6مليون ريال سعودي شهريا، منها 3 ملايين لحزب الإصلاح، ويستلم جنرال حروب صعدة علي محسن الأحمر، ثلاثة مليون وخمس مئة ألف ريال شهريا، بالإضافة إلى مخصص ضخم آخر هو عشرة ملايين ريال شهريا، يستلمه تحت بند “محاربة الروافض”، ويتقاضى الشيخ ناجي عبدالعزيز الشايف وابنه محمد بن ناجي مبلغا قدره مليون وخمس مئة وخمسين ألف ريال سعودي، وهاشم الأحمر مبلغ 200ألف ريال، بينما تقاضى أخوه حسين الأحمر وحزبه مجلس التضامن الوطني خمسة ملايين ومئتي ألف ريال شهريا. والقائمة تطول.
أصدقاء للنفوذ
نقلت صحيفة فورين بوليسي عام2011م عن الكاتب السعودي جمال خاشقجي تسميته المهذبة لأدوات السعودية ومرتزقتها هؤلاء بـ(أصدقاء السعودية في اليمن)، واعتبر أن دفعها لهم الأموال هو مقابل “ممارسة النفوذ، والحماية، والاستقرار”، وهو كلام يوضّح الواضح أصلا، ولكن لزيادة الاطمئنان، ويتضح أن الاختراق السعودي للنظام اليمني اليوم كان نتيجة إغرائهم بهذه الأموال، ليكونوا الأدوات والمخالب التي تسيطر على اليمن من خلالها، ولا غرابة أن نجد لفيفا من هؤلاء اليوم يداومون على أكل الكبسة في الرياض؛ ذلك أنهم قد مرنوا على حياة الاستجداء و (الشحت)، والانتظار على أبواب مكرمات بقرة الشيطان الحلوب.
لقد أغرقت أولئك المرتزقة بأموالها، في حين بخِلت أشد البخل عن التبرع للشعب اليمني بمشاريع صحية أو تربوية أو إنمائية أو خدماتية، وما التزمت به في مؤتمرات دعم اليمن كان مجرد تصريحات بالونية سرعان ما أسفر صُبحها عن أكاذيب جوفاء، ولم تعدم الخرقاء علة، تتحكك عليها، ومنها فساد الحكومات اليمنية؛ الفساد الذي شجعت عليه هي، وكان كثيرا ما يأتي من قبل حلفائها هؤلاء.
ثورتنا وثروتهم
ولما تحرك الشعب وانتفض ضد الوصاية الأمريكية والسعودية، وأمّل تحرير قراره السيادي والسياسي، وبلغ ذروة ذلك في ثورة الـ21 من سبتمبر، وتم فيها طرد آخر أدوات السعودية وعملائها وهو الجنرال علي محسن الأحمر جُنّ جنون مملكة آل سعود، ولم تستطع السكوت عليها، وهي التي طالما اعتبرت اليمن حديقتها الخلفية، والتي آلت على نفسها ألا تسمح بحدوث أي تغيير في بنية النظام الحاكم يؤدي إلى تحرير القرار، والنهضة بالبلد نهضة سياسية وإنمائية وحضارية، لقد بدا واضحا حرص آل سعود على بقاء اليمنيين فقراء، محرومين من خيراتهم وثرواتهم؛ وتشتهر وصية والدهم المؤسس: (خيركم من شر اليمن، وشركم من خير اليمن).
في 26 مارس الماضي صحى سكان العاصمة صنعاء على وقع انفجارات ضخمة، ونقلت القنوات مشاهد مروعة لمجازر ارتُكِبَت بحق أحياء شمال العاصمة، وظهر حينها سفير السعودية (وزير الخارجية الحالي عادل الجبير) في أمريكا وهو يعلن بداية الحرب على اليمن بالتحالف مع عشر دول، وبمباركة أمريكية معلنة، وهاهي الحرب العدوانية اليوم تختتم شهرها التاسع، وبوتيرة عالية من المجازر اليومية في مختلف محافظات الجمهورية، وقد دُمِّرَت المنشآت الحيوية، والمدارس، والمشافي، والمكاتب الحكومية، والمصانع، والمزارع، والمواصلات، لقد استهدفوا كل شيء، ولم يستثنوا شيئا، لقد قصفوا المدن السكنية بوحشية عالية، واتضح أنهم لا يفرقون بين مدني وعسكري، ولا بين الإنسان والحيوان، وهاجموا الأسواق، وقتلوا كل من فيها بوحشية منقطعة النظير، لن ينساها اليمنيون ما بقيت عروقهم تنبض بالحياة، لقد بدا واضحا لكل يمني أنهم يستهدفون المدنيين لكي يضغطوا بهم ليدفعوا اليمنيين للاستسلام؛ وهو الأمر الذي جوبِهَ بالرفض من كل اليمنيين من أول يوم.
خسائر البقرة الحلوب في الحرب
قادت السعودية تحالف العدوان الذي دمر كل مقومات الحياة في اليمن، واستهدف تفاصيلها المختلفة، فما هي الخسائر التي تكبَّدتها السعودية جرّاء هذا العدوان الغاشم على اليمن، وكم كلّف العدوان حتى اليوم خزينتها؟ وما هي آثارها على خزينتها العامة، وعلى مستقبلها الاقتصادي؟ وكيف أسكتت السعودية جميع قوى العالم ودوله عن الإنكار لهذه المجازر المروعة والوحشية التي أصبحت مشاهد اعتيادية اعتاد العالم على رؤيتها وانسجم مع فظاعتها؟
تُظهر وثائق وزارة الخارجية السعودية، التي نشرتها صحيفة «الأخبار» اللبنانية بالتعاون مع «ويكيليكس»، مقدار السطوة التي فرضها النظام السعودي على الإعلام، ولكن على مستوى الإقليم والعالم ككلّ، وهي قد تفوق تصوّرات أعداء النظام السعودي عن خصمهم، وتُظهر جانباً مخيفاً من تعامل المملكة مع نقّادها وأتباعها، وتجعل من الكلام عن «هيمنة سعودية» في إعلامنا حقائق وأرقاماً، لا مجرّد شائعات واتهامات.
لديه الكثير من المال، والقليل من الكفاءة، وهوسٌ بصورته أمام الخارج. هذا، باختصار، هو الانطباع الذي تعطيه الوثائق عن «العقل» الدبلوماسي السعودي. وتجد في أرشيف سفارات السعودية برقيات التحويلات المالية لشراء صمت وسائل الإعلام وتواطؤها، من كندا إلى إندونيسيا، ومن أستراليا إلى باكستان، وصولاً إلى دول نائية، كالتشاد والنيجر و بوروندي، لا يمكن بأي حال من الأحوال اعتبارها «حيوية» بالنسبة إلى السياسة السعودية، أو أن ما ينشر في إعلامها قد يقدم أو يؤخّر بالنسبة إلى استراتيجية المملكة (في مالي مثلاً، تدفع السفارة دعماً مادياً – على شكل اشتراكات – لكل الصحف التي تصدر في البلد).
شراء الصمت
وتظهر الوثائق همّاً مركزياً للدبلوماسية السعودية يتمثل في ملاحقة أي نقدٍ للمملكة، ولو في أقاصي الدنيا، والعمل على استمالة أو إسكات قائله، حتى لو كان موقعاً صغيراً على الإنترنت لم يسمع به أحد. أمّا في منطقتنا العربية، حيث تمتزج القدرة المالية السعودية بنفوذ سياسي كبير، فالمعادلة مختلفة تماماً: الاستثمار المادي أكبر، وهو يصير بملايين الدولارات لمن «يخدم سياسة المملكة ومصالحها»، والعقوبات ضدّ المخالفين أشدّ وأقسى، إذ تلاحق الحكومة السعودية «الإعلام المعادي» ومن ينتقدها في كلّ مكان. فتنسِّق حملات كبيرة لمنع القنوات الإيرانية من البث عبر الأقمار الصناعية، وتهدد وسائل إعلام عريقة تخاف السفارة «نشوزهنّ» بالمحاصرة، وقطع العائدات الإعلانية، ومنع البث الفضائي. وهذا ما يفسر غياب هذا الإعلام العالمي عن كل مجازر اليمن وعن آثار العدوان على بلد اليمن السعيد.
خسائر فادحة
ومع ذلك فإن المؤشرات الاقتصادية تشير إلى خسائر فادحة يتلقاها السعوديون نتيجة حماقة عدوانهم على اليمن، ويوشك أن يؤدي إلى انهيار اقتصادهم؛ الأمر الذي جعل صندوق النقد الدولي يقترح على حكومة السعودية أن تدعم الميزانية بخفض مرتبات الموظفين، ورفع الدعم عن المشتقات النفطية.
يقول موقع DW: لا يستطيع أحد حتى الساعة تقديم أرقام دقيقة عن تكلفة الحرب التي تقودها السعودية على اليمن تحت اسم “عاصفة الحزم”. ويعود السبب في ذلك إلى رفض القائمين عليها تقديم أي معلومات يمكن الاعتماد عليها بهذا الخصوص. غير أن التقديرات الأولية المبنية على تكاليف حروب أخرى مشابهة ترجّح بأن التكلفة وصلت بحلول أواسط نيسان/ أبريل 2015 إلى نحو 30 مليار دولار تتضمن تكاليف تشغيل 175 طائرة مقاتلة وتزويدها بالذخائر وتكلفة وضع 150 ألف جندي سعودي في حالة استنفار تحسبا لاحتمالات توسيع نطاق الحرب. يدخل ضمن نفقات الحرب أيضا المساعدات والتعويضات التي تقدمها السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي الأخرى لمصر وبلدان أخرى لقاء مشاركتها في العمليات والتي تقدر بمليارات الدولارات.
تقديرات ناقصة
ويلاحظ أنها تقديرات ناقصة لا تتحدث عن أمور هامة في مسار الحرب العدوانية، منها التعويضات التي تصرف للقتلى والجرحى، ومنها أيضا وهو الأهم تلك الرحلات المكوكية التي قام بها بن سلمان لعقد صفقات تسليحية كانت الغاية منها هو الاسترضاء لتلك الدول، فعلى سبيل المثال وقع عقودا مع روسيا بعشرات المليارات من الدولارات، وشهد العالم أيضا تحول موقف روسيا المفاجئ في مجلس الأمن وتمريرها قرارا من مجلس الأمن يزعم محاصرة اليمنيين عن شراء الأسلحة، وأمر كهذا لا بد وأنه أخذ دورة كاملة في ضرع بقرة الأموال السعودية وصفقاتها المربحة التي قد تثير لعاب الدب الروسي، كما أن توقع الأمير سعود بن سيف النصر عجز الميزانية أن تتجاوز الـ200 مليار دولار كما سبق، وقد غرّد بتاريخ19 مايو معلقا على هذه الصفقات الوهمية بقوله: “لقد صرف في الأشهر القليلة لتغطية صفقات وهمية ورشوة حكام دول وشراء ذمم وتكاليف مغامرات مراهقين ما يزيد عما صرف في سنوات من الفترة الماضية”.
مليارات يومية
قالت صحيفة “الإندبندنت” البريطانية في عددها الصادر 17 أغسطس الماضي، إن المملكة السعودية تحرق يوميا المليارات من مخزونها المالي بشكل غير مسبوق، و ذلك للحفاظ على سعر النفط المتدني “۵۰ دولاراً للبرميل” ، و في نفس الوقت تلبي الاحتياجات الخاصة بالعدوان الذي تشنه ضد اليمن منذ شهور، و بحربها على سوريا المتواصلة في عامها الخامس.
وتضيف الصحيفة أن المملكة تسحب من الاحتياطي النقدي الأجنبي ملياري دولار أسبوعياً لتغطية نفقاتها منذ شهر أيلول 2014 وحتى حزيران 2015، وهو ما أدى لإعلان مؤسسة النقد المركزية السعودية انخفاض قيمة الاحتياطي النقدي من 746 مليار دولار إلى 672 مليار دولار خلال أقل من 9 أشهر.
في بداية شهر نوفمبر تحدثت وكالات عن هبوط الريال السعودي إلى أدنى مستوى في أكثر من 12 سنة أمام الدولار في سوق العقود الآجلة. وحذّر مندوبون في قمة رويترز للاستثمار هذا الأسبوع من أنه، مع الصدمة النفطية وعجز في الموازنة قد يصل إلى 100 مليار دولار هذا العام، وارتفاع سعر العملة، فإن المملكة قد تضطر إلى تخفيض سعر الريال، في حين حذر صندوق النقد الدولي من أن الاحتياطيات النقدية السعودية قد تنفد في أقل من خمس سنوات.
خيار مربح
بدا واضحا للمتابعين رغبة الغربيين في استمرار الحرب على اليمن لأنها أصبحت خيارا مربحا لشركات التصنيع العسكري التي عقدت السعودية مع دولها عقودا تسليحية ضخمة بعشرات المليارات من الدولارات، ومنها أمريكا وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا وروسيا وغيرها. كما أن انخفاض المخزون الاستراتيجي من الأسلحة والذخائر بسبب استخدامها على رؤوس اليمنيين يتطلب ارتفاع شهية السعوديين في الحصول عليها، وهو ما يريده الغربيون من بقرة الشيطان الحلوب.
لقد تبين أن مملكة البقرة الحلوب هذه دخلت في مستنقع خطير يستنزف أموالها الكثيرة ويلتهمها بسرعة قياسية، فهل كانت هذه الحرب هي القشة التي ستقصم ظهر بعير إسرافهم وتدميرهم وشهواتهم التي طال ليلها، وهل أذن الله بسقوط هذه البقرة الحلوب التي سعد بها الأغراب الأمريكان، وشقي بها أقرب الجيران؟
ذلك ما ستجيب عنه الأشهر القريبة القادمة.
#اليمن
#المركز_الإعلامي_بالأمانة
#فج_عطان